تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٣٦٠
أوحى إلي ولم يوحى إليه شيء) *، نزلت في مسيلمة بن حبيب الكذاب الحنفي، حيث زعم أن الله أوحى إليه النبوة، وكان مسيلمة أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسولين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما: ' أتشهدان أن مسيلمة نبي؟ '، قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما '، ثم قال: * (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) *، فلا أحد أيضا أظلم منه، نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي، من بني عامر بن لؤي، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، كان يتكلم بالإسلام، وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم يوما سورة النساء، فإذا أملى عليه النبي صلى الله عليه وسلم: * (غفورا رحيما) * (كتب) * (عليما حكيما) *، وإذا أملى عليه: * (سميعا بصيرا) * (كتب) * (سميعا عليما) *، فقال لقوم من المنافقين:
كتبت غير الذي أملى علي، وهو ينظر إليه فلم يغيره، فشك عبد الله بن سعد في إيمانه، فلحق بمكة كافرا، فقال لهم: لئن كان محمد صادقا فيما يقول، لقد أنزل علي كما أنزل عليه، ولئن كان كاذبا، لقد قلت كما قال، وإنما شك لسكوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إليه، فلم يغير ذلك، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يكتب.
ثم قال: * (ولو ترى إذ الظالمون) *، يعني مشركي مكة، * (في غمرات الموت) * يعني في سكرات الموت، إذ قتلوا ببدر، * (والملائكة باسطوا أيديهم) * عند الموت تضرب الوجوه والأدبار، يعني ملك الموت وحده، وهو يقول: * (أخرجوا أنفسكم) *، يعني أرواحكم، منهم: أبو جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وأبو قيس بن الفاكه، والوليد بن المغيرة، وقريبا من سبعين قتيلا، فلما بعثوا في الآخرة، وصاروا في النار، قالت لهم خزنة جهنم: * (اليوم تجزون عذاب الهون) *، يعني الهوان بغير رأفة ولا رحمة، نظيرها في الأنفال، * (بما كنتم تقولون على الله) * (في الدنيا) * (غير الحق) * بأن معه شريكا، * (وكنتم عن آياته تستكبرون) * [آية: 93]، يعني وكنتم تتكبرون عن الإيمان بالقرآن.
* (ولقد جئتمونا) * (في الآخرة) * (فرادى) *، ليس معكم من الدنيا شيء، * (كما خلقناكم أول مرة) * حين ولدوا وليس لهم شيء، * (وتركتم ما خولنكم) * (في الدنيا) * (وراء ظهوركم) *، يعني ما أعطيناكم من الخير من بعدكم في الدنيا، * (وما نرى معكم شفعاءكم) * (من الملائكة) * (الذين زعمتم) * (في الدنيا) * (أنهم فيكم شركاء) *، يعني أنهم لكم شفعاء عند الله، لقولهم في يونس: * (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) * [يونس: 18]،
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»