تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٣٥٩
* (وما قدروا الله حق قدره) *، يعني ما عظموا الله حق عظمته، * (إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء) *، يقول: على رسول من كتاب، فما عظموه حين كذبوا بأنه لم ينزل كتابا على الرسل، نزلت في مالك بن الضيف اليهودي حين خاصمه عمر بن الخطاب في النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكتوب في التوراة، فغضب مالك، فقال: ما أنزل الله على أحد كتابا ربانيا في اليهود، فعزلته اليهود عن الربانية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: * (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا) *، يعني ضياء من الظلمة، * (وهدى للناس) * من الضلالة، * (تجعلونه قراطيس) *، يعني صحفا ليس فيها شيء، * (تبدونها) * تعلنونها، * (وتخفون) *، يعني وتسرون، * (كثيرا) *، فكان مما أخفوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر الرجم في التوراة، * (وعلمتم) * في التوراة * (ما لم تعلموا أنتم ولا) * ولم يعلمه * (آباؤكم) *، ثم قال في التقديم: * (قل الله) * أنزل على موسى، عليه السلام، * (ثم ذرهم) *، يعني خل عنهم إن لم يصدقوك، * (في خوضهم يلعبون) * [آية: 91]، في باطلهم يلهون، يعني اليهود، نزلت هذه الآية بالمدينة، ثم إن مالك بن الضيف تاب من قوله، فلم يقبلوا منه، وجعلوا مكانه رجلا في الربانية.
* (وهذا كتاب أنزلناه) * على محمد صلى الله عليه وسلم، * (مبارك) * لمن عمل به، وهو * (مصدق الذي بين يديه) *، يقول: يصدق لما قبله من الكتب التي أنزلها الله عز وجل على الأنبياء، * (ولتنذر أم القرى) *، يعني لكي تنذر بالقرآن أصل القرى، يعني مكة؛ وإنما سميت أم القرى؛ لأن الأرض كلها دحيت من تحت الكعبة، * (و) * تنذر بالقرآن * (ومن حولها) *، يعني حول الكعبة، يعني قرى الأرض كلها، * (والذين يؤمنون بالآخرة) *، يعني يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، * (يؤمنون به) *، يعني يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل، ثم نعتهم، فقال: * (وهم على صلاتهم يحافظون) * [آية: 92] عليها في مواقيتها لا يتركونها.
* (ومن أظلم) *، هذه الآية مدنية، فلا أحد أظلم * (ممن افترى على الله كذبا أو قال
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»