تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٧٦
إلى أربعين عن قتادة، وقيل: أربعون رجلا عن أبي صالح (1)، وقيل: ما بين الثلاثة إلى العشرة عن ابن عباس، وقيل: انهم الجماعة يتعصب بعضهم لبعض. انتهى. ويزيف غير القولين الأخيرين قول اخوة يوسف: (ونحن عصبة) يوسف: 8، وهم تسعة نفر.
والمعنى: ان قارون كان من بني إسرائيل فطلب العتو عليهم بغير حق وأعطيناه من الكنوز ما ان مفاتيحه لتثقل الجماعة ذوي القوة، وذكر جمع من المفسرين أن المراد بالمفاتح الخزائن، وليس بذاك.
قوله تعالى: (إذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين) فسر الفرح بالبطر وهو لازم الفرح والسرور المفرط بمتاع الدنيا فإنه لا يخلو من تعلق شديد بالدنيا ينسى الآخرة ويورث البطر والأشر، ولذا قال تعالى: (ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور) الحديد: 23.
ولذا أيضا علل النهى بقوله: (ان الله لا يحب الفرحين).
قوله تعالى: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) إلى آخر الآية أي واطلب فيما أعطاك الله من مال الدنيا تعمير الدار الآخرة بانفاقه في سبيل الله ووضعه فيما فيه مرضاته تعالى.
وقوله: (ولا تنس نصيبك من الدنيا) أي لا تترك ما قسم الله لك ورزقك من الدنيا ترك المنسى واعمل فيه لآخرتك لان حقيقة نصيب الانسان من الدنيا هو ما يعمل به لاخرته فهو الذي يبقى له.
وقيل: معناه لا تنس أن نصيبك من الدنيا - وقد أقبلت عليك - شئ قليل مما أوتيت وهو ما تأكله وتشربه وتلبسه مثلا والباقي فضل ستتركه لغيرك فخذ منها ما يكفيك وأحسن بالفضل وهذا وجه جيد. وهناك وجوه أخر غير ملائمة للسياق.
وقوله: (وأحسن كما أحسن الله إليك) أي أنفقه لغيرك احسانا كما آتاكه الله احسانا من غير أن تستحقه وتستوجبه، وهذه الجملة من قبيل عطف التفسير لقوله:
(ولا تنس نصيبك من الدنيا) على أول الوجهين السابقين ومتممة له على الوجه الثاني.

(1) وروى في الدر المنثور عن أبي صالح سبعين.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست