تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٦٤
كإبليس وقرناء الشياطين وأئمة الضلال كما قال: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان - إلى أن قال - ولقد أضل منكم جبلا كثيرا) يس: 62، وقال:
(أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) الجاثية: 23، وقال: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) التوبة: 31.
والذين يشير إليهم قوله: (قال الذين حق عليهم القول) هم من الصنف الثاني بدليل ذكرهم اغواءهم وتبريهم من عبادتهم وهؤلاء المشركون وان كانوا أنفسهم أيضا ممن حق عليهم القول كما يشير إليه قوله: (حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) ألم السجدة: 13، ولكن المراد بهم في الآية المبحوث عنها المتبوعون منهم الذين ينتهى إليهم الشرك والضلال.
وايراد قول هؤلاء الشركاء مع عدم ذكر أن المسؤولين أشاروا إليهم لعله للإشارة إلى انهم ضلوا عنهم في هذا الموقف كما في قوله تعالى: (ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل) حم السجدة: 48.
وقوله: (ربنا هؤلاء الذين أغوينا) أي هؤلاء - يشيرون إلى المشركين - هم الذين أغويناهم والجملة توطئة للجملة التالية.
وقوله: (أغويناهم كما غوينا) أي كانت غوايتهم باغوائنا لغوايتنا أنفسنا فكما كنا غوينا باختيارنا من غير الجاء كذلك هم غووا باختيار منهم من غير الجاء، والدليل على هذا المعنى ما حكاه الله عن إبليس يومئذ إذ قال: (وما كان لي عليكم من سلطان.
الا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) إبراهيم: 22، وقال حاكيا لتساؤل الظالمين وقرنائهم: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا انكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا انا لذائقون فأغويناكم انا كنا غاوين) الصافات: 32، أي ما كان ليصل إليكم منا ونحن غاوون غير الغواية.
ومن هنا يظهر أن لقولهم: (أغويناهم كما غوينا) معنى آخر، وهو أنهم اكتسبوا نظير الوصف الذي كان فينا غير أنا نتبرأ منهم حيث لم نلجئهم إلى الغواية ما كانوا يعبدوننا بالجاء.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست