تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٠٧
استعماله الأمكنة، ومعنى تعالين أقبلن بإرادتكن واختياركن لاحد أمرين ولم يرد نهوضهن بأنفسهن كما تقول: أقبل يخاصمني وذهب يكلمني وقام يهددني. انتهى.
والتمتيع اعطاؤهن عند التطليق ما لا يتمتعن به والتسريح هو التطليق والسراح الجميل هو الطلاق من غير خصومة ومشاجرة بين الزوجين.
وفى الآية أبحاث فقهية أوردها المفسرون والحق أن ما تتضمنه من الاحكام الشخصية خاصة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا دليل من جهة لفظها على شموله لغيره وتفصيل القول في الفقه.
وقوله: (وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة) فقد تقدم أن المقابلة بين هذه الجملة وبين قوله: (ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها) الخ، تقيد كلا منهما بخلاف الأخرى وعدمها، فمعنى الجملة: وان كنتن تردن وتخترن طاعة الله ورسوله وسعادة الدار الآخرة مع الصبر على ضيق العيش والحرمان من زينة الحياة الدنيا وهي مع ذلك كناية عن البقاء في زوجية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصبر على ضيق العيش والا لم يصح اشتراط الاحسان في الاجر الموعود وهو ظاهر.
فالمعنى: وان كنتن تردن وتخترن البقاء على زوجية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصبر على ضيق العيش فان الله هيأ لكن أجرا عظيما بشرط أن تكن محسنات في أعمالكن مضافا إلى إرادتكن الله ورسوله والدار الآخرة فان لم تكن محسنات لم يكن لكن الا خسران الدنيا والآخرة جميعا.
قوله تعالى: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) الخ، عدل عن مخاطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهن إلى مخاطبتهن أنفسهن لتسجيل ما لهن من التكليف وزيادة التوكيد، والآية والتي بعدها تقرير وتوضيح بنحو لما يستفاد من قوله: (فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) اثباتا ونفيا.
فقوله: (من يأت منكن بفاحشة مبينة) الفاحشة الفعلة البالغة في الشناعة والقبح وهي الكبيرة كايذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والافتراء والغيبة وغير ذلك، والمبينة هي الظاهرة.
وقوله: (يضاعف لها العذاب ضعفين) أي حال كونه ضعفين والضعفان المثلان
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست