تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢١٦
شكر الوالدين كوجوب الشكر لله بل هو من شكره تعالى لانتهائه إلى وصيته وأمره تعالى، فشكرهما عبادة له تعالى وعبادته شكر.
وقوله: (حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين) ذكر بعض ما تحملته أمه من المحنة والأذى في حمله وتربيته ليكون داعيا له إلى شكرهما وخاصة الام.
والوهن الضعف وهو حال بمعنى ذات وهن أو مفعول مطلق والتقدير تهن وهنا على وهن، والفصال الفطم وترك الارضاع، ومعنى كون الفصال في عامين تحققه بتحقق العامين فيؤل إلى كون الارضاع عامين، وإذا ضم إلى قوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) الأحقاف: 46، بقى لأقل الحمل ستة أشهر، وستكرر الإشارة إليه فيما سيأتي (1).
وقوله: (أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير) تفسير لقوله: (وصينا) الخ، في أول الآية أي كانت وصيتنا هو أمرنا بشكرهما كما أمرناه بشكر الله، وقوله: (إلى المصير) انذار وتأكيد للامر بالشكر.
والقول في الالتفات الواقع في الآية في قوله: (أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير) الخ، من سياق التكلم مع الغير إلى سياق التكلم وحده كالقول في الالتفات في قوله السابق: (أن اشكر لله).
قوله تعالى: (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) إلى آخر الآية. أي ان ألحا عليك بالمجاهدة أن تجعل ما ليس لك علم به أو بحقيقته شريكا لي فلا تطعهما ولا تشرك بي، والمراد بكون الشريك المفروض لا علم به كونه معدوما مجهولا مطلقا لا يتعلق به علم فيؤل المعنى: لا تشرك بي ما ليس بشئ، هذا محصل ما ذكره في الكشاف وربما أيده قوله تعالى: (أتنبئونه بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض) يونس: 18.
وقيل: (تشرك) بمعنى تكفر و (ما) بمعنى الذي، والمعنى: وان جاهداك أن تكفر بي كفرا لا حجة لك به فلا تطعهما ويؤيده تكرار نفى السلطان على الشريك

(1) في بحث روائي في ذيل آية الا حقاف.
(٢١٦)
مفاتيح البحث: الرضاع (2)، الشكر (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست