تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٨٧
هو لا إله إلا الله محمد رسول الله على أمير المؤمنين ولى الله إلى ههنا التوحيد.
أقول: وروى هذا المعنى في بصائر الدرجات عن أبي عبد الله عليه السلام، ورواه في التوحيد عن عبد الرحمن مولى أبى جعفر عنه عليه السلام.
ومعنى كون الفطرة هي الشهادات الثلاث أن الانسان مفطور على الاعتراف بالله لا شريك له بما يجد من الحاجة إلى الأسباب المحتاجة إلى ما وراءها وهو التوحيد وبما يجد من النقص المحوج إلى دين يدين به ليكمله وهو النبوة، وبما يجد من الحاجة إلى الدخول في ولاية الله بتنظيم العمل بالدين وهو الولاية والفاتح لها في الاسلام هو علي عليه السلام، وليس معناه أن كل انسان حتى الانسان الأولى يدين بفطرته بخصوص الشهادات الثلاث.
والى هذا يؤل معنى الرواية السابقة أنها الولاية فإنها تستلزم التوحيد والنبوة وكذا ما مر من تفسيره الفطرة بالتوحيد فان التوحيد هو القول بوحدانية الله تعالى المستجمع لصفات الكمال المستلزمة للمعاد والنبوة والولاية فالمال في تفسيرها بالشهادات الثلاث والتوحيد والولاية واحد.
وفى المحاسن باسناده عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال: فطرهم على معرفة أنه ربهم ولولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من ربهم ومن رازقهم؟.
وفى الكافي باسناده عن الحسين بن نعيم الصحاف عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: فقال عليه السلام: ان الله عز وجل خلق الناس كلهم على الفطرة التي فطرهم عليها لا يعرفون ايمانا بشريعة ولا كفرا بجحود ثم بعث الله عز وجل الرسل يدعو العباد إلى الايمان به فمنهم من هدى الله ومنهم من لم يهده.
أقول: وفى هذا المعنى روايات أخر واردة في تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة) البقرة: 213 والمراد فيها بالانسان الفطري الانسان الساذج الذي يعيش على الفطرة الانسانية الذي لم يفسده الأوهام الفكرية والأهواء النفسانية فإنه بالقوة القريبة من الفعل بالنسبة إلى أصول العقائد الحقة وكليات الشرائع الإلهية فإنه يعيش ببعث وتحريك من فطرته وخصوص خلقته. وأما الاهتداء إلى خصوص العقائد الحقة
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست