تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٨٥
الذي يبسط ويقدر أي يوسع ويضيق، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: (فلت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل) الخ، ذو القربى صاحب القرابة من الأرحام والمسكين أسوا حالا من الفقير وابن السبيل المسافر ذو الحاجة، وإضافة الحق إلى الضمير تدل على أن لذي القربى حقا ثابتا، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فظاهر الآية بما تحتف به من القرائن أن المراد بها الخمس والتكليف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويتبعه غيره ممن كلف بالخمس، والقرابة على أي حال قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في آية الخمس، هذا كله على تقدير كون الآية مدنية وأما على تقدير كونها مكية كسائر آيات السورة فالمراد مطلق الاحسان للقرابة والمسكين وابن السبيل.
ولعموم الآية معنى عمم ذكره أثره الجميل فقال: (ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون).
قوله تعالى: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) الربا نماء المال، وقوله: (ليربو) الخ، يشير إلى وجه التسمية، فالمراد أن المال الذي تؤتونه الناس ليزيد في أموالهم لا إرادة لوجه الله - بقرينة ذكر إرادة الوجه في مقابله - فليس يزيد وينمو عند الله أي لا تثابون عليه لعدم قصد الوجه.
وقوله: (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) المراد بالزكاة مطلق الصدقة أي اعطاء المال لوجه الله من غير تبذير، والمضعف ذو الضعف، والمعنى: وما أعطيتم من المال صدقة تريدون وجه الله فأولئك هم الذين يضاعف لهم مالهم أو ثوابهم.
فالمراد بالربا والزكاة بقرينة المقابلة وما احتف بهما من الشواهد، الربا الحلال وهو العطية من غير قربة، والصدقة وهي اعطاء المال مع قصد القربة. هذا كله على تقدير كون الآية مكية وأما على تقدير كونها مدنية فالمراد بالربا الربا المحرم وبالزكاة هي الزكاة المفروضة.
وهذه الآية والتي قبلها أشبه بالمدنيات منهما بالمكيات ولا اعتبار بما يدعى من الرواية أو الاجماع المنقول.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست