تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٩
من الكافرين) أجابه بقوله: (فعلتها إذا وأنا من الضالين) الشعراء: 20.
قوله تعالى: (قال رب انى ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له انه هو الغفور الرحيم) اعتراف منه عند ربه بظلمه نفسه حيث أوردها مورد الخطر وألقاها في التهلكة، ومنه يظهر أن المراد بالمغفرة المسؤولة في قوله: فاغفر لي) هو الغاء تبعة فعله وانجاؤه من الغم وتخليصه من شر فرعون وملأه، كما يظهر من قوله تعالى: (وقتلت نفسا فنجيناك من الغم) طه: 40.
وهذا الاعتراف بالظلم وسؤال المغفرة نظير ما وقع من آدم وزوجه المحكى في قوله تعالى: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)، الأعراف: 23.
قوله تعالى: (قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين) قيل:
الباء في قوله: (بما أنعمت للسببية والمعنى رب بسبب ما أنعمت على، لك على أن لا أكون معينا للمجرمين فيكون عهدا منه لله تعالى وقيل: الباء للقسم والجواب محذوف والمعنى: أقسم بما أنعمت على لأتوبن أو لأمتنعن فلن أكون ظهيرا للمجرمين، وقيل:
القسم استعطافي وهو القسم الواقع في الانشاء كقولك بالله زرني، والمعنى أقسمك أن تعطف على وتعصمني فلن أكون ظهيرا للمجرمين.
والوجه الأول هو الأوجه لان المراد بقوله: (بما أنعمت على) - على ما ذكروه - اما انعامه تعالى عليه إذ حفظه وخلصه من قتل فرعون ورده إلى أمه، واما انعامه عليه إذ قبل توبته من قتل القبطي وغفر له بناء على أنه علم مغفرته تعالى بالهام أو رؤيا أو نحوهما وكيف كان فهو اقسام بغيره تعالى، والمعنى أقسم بحفظك إياي أو أقسم بمغفرتك لي، ولم يعهد في كلامه تعالى حكاية قسم من غيره بغيره بهذا النحو.
وقوله: (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) قيل: المراد بالمجرم من أوقع غيره في الجرم أو من أدت اعانته إلى جرم كالإسرائيلي الذي خاصمه القبطي فأوقعت اعانته موسى في جرم القتل فيكون في لفظ المجرمين مجاز في النسبة من حيث تسمية السبب الموقع في الجرم مجرما.
وقيل: المراد بالمجرمين فرعون وقومه والمعنى: أقسم بانعامك على لأتوبن فلن
(١٩)
مفاتيح البحث: القتل (4)، الظلم (1)، الخسران (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست