تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣٨٣
وكيف يمكن ان يتحقق كلهم بمضمون قوله: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) ويفهموا ذلك منه ثم لا يرضى بعضهم عن بعض وقد رضي الله عنه، والراضي عن الله راض عما رضي الله عنه، ولا يندفع هذا الاشكال بحديث اجتهادهم فان ذلك لو سلم يكون عذرا في مقام العمل لا مصححا للجمع بين صفتين متضادتين وجدانا وهما الرضا عن الله وعدم الرضا عما رضي الله عنه والكلام طويل.
وفيه اخرج أبو عبيد وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن حبيب الشهيد عن عمرو بن عامر الأنصاري ان عمر بن الخطاب قرء (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان) فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين فقال له زيد بن ثابت: والذين فقال عمر: الذين فقال زيد: أمير المؤمنين اعلم فقال عمر: ائتوني بابي بن كعب فأتاه فسأله عن ذلك فقال أبى: والذين فقال عمر:
فنعم إذن نتابع أبيا.
أقول: ومقتضى قراءة عمر اختصاص المهاجرين بما يتضمنه قوله: (والسابقون الأولون) من المنقبة ومنقبة أخرى وهى كونهم متبوعين للأنصار كما يشير إليه الحديث الآتي.
وفيه اخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال: مر عمر برجل يقرء (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) فأخذ عمر بيده فقال:
من أقرأك هذا؟ قال: أبي بن كعب. قال: لا تفارقني حتى اذهب بك إليه فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟ قال: نعم قال: وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: كنت أرى انا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.
فقال أبى: تصديق ذلك في أول سورة الجمعة: (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) وفي سورة الحشر: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان) وفي الأنفال: (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم).
وفي الكافي بإسناده عن موسى بن بكر عن رجل قال: قال أبو جعفر عليه السلام:
(الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) فأولئك قوم مؤمنون يحدثون في إيمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهونها فأولئك عسى الله ان يتوب عليهم.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست