تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣٣٤
المنافقين لأمنهم، ولا مانع من أن ينسلخوا هذا الايمان.
وكيف لا؟ وقد سلخ الله الايمان ممن هو أرسخ إيمانا منهم كالذي يقصه في قوله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه) الأعراف: 176.
وقال أيضا: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا) النساء: 137 وقد أكثر القرآن الكريم من ذكر الكفر بعد الايمان فلا مانع من زوال الاعتقاد القلبي قبل رسوخه وهو اعتقاد.
نعم الايمان المستقر والاعتقاد الراسخ لا سبيل إلى عروض الزوال له قال تعالى:
(من يهدي الله فهو المهتدى) الأعراف: 178 وقال: (فإن الله لا يهدى من يضل) النحل: 37.
وقوله: (إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة) يدل على أن هؤلاء المنافقين المذكورين في الآيات كانوا ذوي عدد وكثرة، وان كلمة العذاب وقعت عليهم لا بد لهم من العذاب فلو شمل بعضهم عفو إلهي لمصلحة في ذلك وقع العذاب على الباقين فهذا معنى الجملة: (إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة) بحسب ما يفهم من نظمه وسياقه.
وبعبارة أخرى رابطة اللزوم بين الشرط والجزاء بترتب الجزاء وتفرعه على الشرط إنما هي بالتبع وأصله ترتب الجزاء ههنا على أمر يتعلق به الشرط وهو ان العذاب وجب على جماعتهم فإن عفى عن بعضهم تعين الباقون من غير تخلف.
وقد ظهر بما قدمناه اولا: وجه ترتب قوله: (نعذب طائفة) على قوله:
(إن نعف عن طائفة) واندفع ما استشكله بعضهم على الآية انه لا ملازمة بين العفو عن البعض وعذاب البعض فما معنى الاشتراط؟
والجواب: ان اللزوم بحسب الأصل بين وجوب نزول العذاب على الجماعة وبين نزوله على بعضهم ثم انتقل إلى ما بين العفو عن البعض وبين نزوله على بعضهم كما قررناه.
وثانيا: ان المراد بالعفو هو ترك العذاب لمصلحة من مصالح الدين دون العفو
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»
الفهرست