تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣١٠
يعطوا منها إذا هم يسخطون) اللمز العيب، وإنما كانوا يعيبونه فيها إذا لم يعطهم منها لعدم استحقاقهم ذلك أو لأسباب أخر كما يدل عليه ذيل الآية.
قوله تعالى: (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله) إلى آخر الآية، (لو) للتمني وقوله: (رضوا ما آتاهم الله) كأن الرضى ضمن معنى الاخذ ولذا عد بنفسه أي اخذوا ذلك راضين به أو رضوا آخذين ذلك، والايتاء الاعطاء وحسبنا الله أي كفانا فيما نرغب إليه ونأمله.
وقوله: (سيؤتينا الله من فضله ورسوله) بيان لما يرغب إليه ويطمع فيه وليس اخبارا عما سيكون، وقوله: (إنا إلى الله راغبون) كالتعليل لقوله:
(سيؤتينا الله) إلى آخر الآية.
والمعنى وكان مما يتمنى لهم ان يكونوا اخذوا ما أعطاهم الله ورسوله بأمر منه من مال الصدقات أو غيره، وقالوا كفانا الله سبحانه من سائر الأسباب ونحن راغبون في فضله ونطمع ان يؤتينا من فضله ويؤتينا رسوله.
وفي الآية ما لا يخفى من لطيف البيان حيث نسب الايتاء إلى الله وإلى رسوله وخص الكفاية والفضل والرغبة بالله على ما هو لازم دين التوحيد.
قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) الآية، بيان لموارد تصرف إليها الصدقات الواجبة وهى الزكوات بدليل قوله في آخر الآية: (فريضة من الله) وهى ثمانية. وارد على ظاهر ما يعطيه سياق الآية ولازمه أن يكون الفقير والمسكين موردين أحدهما غير الاخر.
وقد اختلفوا في الفقير والمسكين أنهما صنف واحد أو صنفان، ثم على الثاني في معناهما على أقوال كثيرة لا ينتهى أكثرها إلى حجة بينة، والذي يعطيه ظاهر لفظهما ان الفقير هو الذي اتصف بالعدم وفقدان ما يرفع حوائجه الحيوية من المال قبال الغنى الذي اتصف بالغنى وهو الجدة واليسار.
وأما المسكين فهو الذي حلت به المسكنة والذلة مضافة إلى فقدان المال وذلك انما يكون بأن يصل فقره إلى حد يستذله بذلك كمن لا يجد بدا من أن يبذل ماء
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»
الفهرست