تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٩٠
سبيل الغى لا يغبى عليه * ويغبى بعد عن سبل الرشاد فأشهد أن أمك من بغايا * وأن أباك من شر العباد فلن أنفك أهجو عائذيا * طوال الدهر ما نادى المنادى وقد سارت قواف قافيات * تناشدها الرواة بكل نادى فقبح عائذ وبنو أبيه * فإن معادهم شر المعاد (ومنا الذي منع الوائدات * وأحياء الوئيد فلم توأد) في سورة التكوير عند قوله تعالى (وإذا الموؤودة سئلت) يقال وأد بنته إذا دفنها في القبر وهى حية وكانت كندة تئد البنات، والذي حملهم على وأد البنات الخوف من لحوق العار بهم والخوف من الإملاق. وقال الفرزدق مفتخرا * ومنا الذي منع الوائدات * يعنى جده صعصعة " قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الإسلام فأسلم، فقال: يا رسول الله عملت أعمالا في الجاهلية فهل لي فيها من أجر؟ فقال: وما عملت؟ قال:
أحييت ثلاثا وستين من الموؤودة، أشترى كل واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل، فهل لي في ذلك من أجر؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا من باب البر ولك أجره إذ من الله عليك بالإسلام ".
(قد أترك القرن مصفرا أنامله * كأن أثوابه مجت بفرصاد) في سورة المطففين عند قوله تعالى (هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) ثوبه وأثابه بمعنى إذا جازاه كما قال أوس: سأجزيك الخ. يخاطب مؤنثا من امرأة أو نفسه أو ناقته وتبين ذلك من قوله تحمدي كما قال:
* مكانك تحمدي أو تستريحي * قيل يفتح للكفار باب الجنة فيقال لهم اخرجوا الآن، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم، يفعل ذلك بهم مرارا فيضحك المؤمنون منهم.
(وحبسن في هزم الضريع فكلها * حدباء دامية اليدين حرود) في سورة الغاشية عند قوله تعالى (ليس لهم طعام إلا من ضريع) الهزم بالمعجمة: الصدع، وهو شق شئ له صلابة. وحدباء من احدودب ظهره إذا انحنى. والحرد بالتسكين: الغيظ. استشهد به على أن الضريع لا يصلح غذاء للراعية، وهزم الضريع بالزاي المعجمة هو ما تكسر منه، وناقة هزماء إذا بدا عظم وركيها، الحرود من النوق القليلة اللبن. والشاعر يصف نوقا حبسن في مرعى سوء غير ناجع هزلهن فكلهن داميات الأيدي من وضعها على الضريع ذي الشوك قليلة اللبن.
(أعين هلا بكيت أربد إذ * قمنا وقام الخصوم في كبد) في سورة البلد عند قوله تعالى (لقد خلقنا الإنسان في كبد) من قولك كبد الرجل كبدا فهو كبد إذا وجعت كبده وانتفخت فاستع فيه حتى استعمل في كل تعب ومشقة، ومنه اشتقت المكابدة، قوله أعين: أي يا عين هلا بكيت، أريد إذ قمنا للحرب مع الخصوم فإنه كان أخا الحرب حافظ الكتيبة في يوم الكريهة، والبيت للبيد في مرثية أخيه أربد، وأول القصيدة:
ما إن تعزى المنون من أحد * لا والد مشفق ولا ولد ومنها البيت، ومعنى تعزى: أي تترك.
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»
الفهرست