تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٨٩
الموصوفات فتنوب منابها وتؤدى مؤداها بحيث لا يفصل بينها وبينها، ونحوه: * ولكن قميصي مسرودة من حديد * أراد: ولكن قميصي درع.
(وجاءت إليهم ثلة خندفية * بجيش كتيار من السيل مزبد) في سورة الواقعة عند قوله تعالى (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) الثلة الأمة من الناس الكثيرة، من الثل، وهو الكسر، كما أن الأمة من الأم وهو الشج كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم. والمعنى: أن التابعين كثير من الأولين وهم الأمم من لدن آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - قليل من الآخرين - وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. والبيت شاهد لمعنى الكثرة، فإن كانت الباء تجريدية وهو الظاهر فنص، وإلا فالاستدلال عليها من أن المقام مقام مبالغة ومدح. وخندفية منسوبة إلى قبيلة خندف، قال * أمهتى خندف وإلياس أبى * والتيار الموج، ومزبد كثير الزبد والمراد كثرة الجيش وتموجهم كتموج السيل المزبد.
(وأنت زنيم نيط في آل هاشم * كما نيط خلف الراكب القدح الفرد) في سورة ن عند قوله تعالى (عتل بعد ذلك زنيم) أي دعى كما قال حسان وأنت زنيم الخ. وقال الشاعر:
زنيم ليس يعرف من أبوه * بغى الأم ذو حسب لئيم وهو الزنمة وهى الهنة من جلد الماعز تقطع وتخلى معلقة في حلقها لأنه زيادة معلقة بغير أهله، قال:
زنيم تراه الرجال زيادة * كما زاد في عرض الأديم الأكارع كأنه يقول لذلك المخاطب: أنت زنيم مؤخر في آل هاشم كما يؤخر الراكب القدح خلفه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تجعلوني كقدح الراكب " أي لا تؤخروني في الدعاء.
(نشأنا إلى خوص برى نيها السرى * وألصق منها مشرفات القماحد) في سورة المزمل عند قوله تعالى (إن ناشئة الليل) التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة: أي تنهض وترتفع من نشأت السحابة إذا ارتفعت، نشأنا: أي نهضنا وقمنا. والخوص جمع خوصاء وهى الناقبة المرتفعة الأعلى الضخمة الأسفل. برى نيها: النبي بفتح النون الشحم: أي أذاب شحمها سير الليل. والقماحد جمع القمحدوة وبسكون الحاء وهو مؤخر القذال، وهى فأس الرأس المشرفة على النقرة: أي قصدنا إلى ناقة مهزولة من السرى ورحلنا.
(على ما قام يشتمني لئيم * كخنزير تمرغ في رماد) في سورة النبأ عند قوله تعالى (عم يتساءلون) حيث كان أصله عما على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية والاستعمال الكثير على الحذف، ومعنى هذا الاستفهام تفخيم الشأن كأنه قال: عن أي شأن يتساءلون؟ والأصل وهو إثبات ألف ما الاستفهامية قليل لأجل الضرورة، ومنه قول حسان بن المنذر على ما قام الخ. يهجو بذلك بنى عائذ بن عمرو بن مخزوم، وقبله:
فإن تصلح فإنك عائذي * وصلح العائذي إلى فساد وإن تفسد فما ألفيت إلا * بعيدا ما علمت من السداد وتلقاه على ما كان فيه * من الهفوات أو نوك الفؤاد على ما قام الخ. وبعده:
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست