تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٤٧
لشدة تبدلها وتغيرها بعد سبعة أعوام مضت عليها، وقد كان القائل قادرا أن يقول لسبعة أعوام ويتم البيت بغير ذلك من الكلام، فلما لم يفعل دل على أنه عجز عن إتمامه وأتمه بما لا معنى له:
(أبعد بني أمي الذين تتابعوا * أرجى حياة أم من الموت أجزع) في سورة الشعراء عند قوله تعالى (قال أصحاب موسى إنا لمدركون) بتشديد الدال وكسر الراء من أدرك الشئ إذا تتابع ففنى، ومنه قوله تعالى (بل ادارك علمهم في الآخرة) قال الحسن: جهلوا علم الآخرة، وفي معناه:
أبعد بني أمي الخ، والمعنى: إنا لمتتابعون: أي يتبع بعضنا بعضا في الهلاك على أيديهم حتى لا يبقى منا أحد. وقوله أبعد لفظه الاستفهام ومعناه التوجع، فيقول: أرجى الحياة أم أجزع من الموت بعد إخواني الذين انقرضوا وذهبوا ومضى واحد إثر واحد: أي لا يحسن الطمع في الحياة بعدهم ولا الجزع من الموت عقيب التفجع بهم.
والبيت من أبيات الحماسة، وبعده:
ثمانية كانوا ذؤابة قومهم * بهم كنت أعطى ما أشاء وأمنع أولئك إخوان الصفاء رزئتهم * وما الكف إلا إصبع ثم إصبع لعمرك إني بالخليل الذي له * علي دلال واجب لمفجع وإني للمولى الذي ليس نافعي * ولا ضائري فقدانه لممتع (وبلدة يرهب الجواب دلجتها * حتى تراه عليها يبتغي الشيعا) في سورة القصص عند قوله تعالى (وجعل أهلها شيعا) أي فرقا يشيعونه على ما يريد ويطيعونه لا يملك أحد منهم أن يلوى عنقه. قال الأعشى: وبلدة الخ، أو يشيع بعضهم بعضا في طاعته، أو أصنافا في استخدامه ليستخدم صنفا في بناء وصنفا في حرث وصنفا في حفر، ومن لم يستعمله ضرب عليه الجزية، أو فرقا مختلفة قد أغرى بينهم العداوة وهم بنو إسرائيل والقبط والطائفة المستضعفة بنو إسرائيل. وسبب ذبح الأبناء أن كاهنا قال له:
يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يده. البلدة: المفازة والجواب من جبت المفازة: أي قطعتها.
ودلجتها: من أدلج الرجل إذا سار من آخر الليل، وادلج بالتشديد: إذا قطع الليل كله سيرا، وقيل بالتخفيف الليل كله، وبالتثقيل: من أوله، والدلجة: ساعة من الليل. يقول: رب بلدة يخاف الجواب أن يسير فيها آخر الليل يبتغي الشيعا: أي يبتغي فرقا يشيعونه من خوفه في تجوبها قطعتها بلا شيعة.
(واستحملوا أمركم لله دركم * شزر المريرة لا قحما ولا ضرعا) في سورة القصص عند قوله تعالى (فلما بلغ أشده واستوى) تم استحكامه وبلغ المبلغ الذي لا يزاد عليه كما قال لقيط: واستحملوا أمركم الخ. لله درك: أي خيرك وصالح عملك، لأن الدر أفضل ما يجتلب، وإذا شتموا قالوا: لا در دره: أي لا كثر خيره ولا زكا عمله. والشزر: الفتل الشديد. والمريرة من المرة: وهي القوة، المرير: الحبل المفتول أمررته ومرارا، ورجل ذو مرة: أذا كان سليم الأعضاء صحيحها. والقحم والقحمة:
الشيخ والشيخة الخرفان. ورجل ضرع: وهو من الرجال الضعيف. وقوله أمركم: يريد أمر الإمامة والخلافة.
يقول لقيط: قلدوا أمر الخلافة رجلا شزر المريرة: أي القادر القوي غير الهرم الضعيف الرأي والعقل. قال بعضهم: يظهر أنه ليس المراد حملوا أمر الخلافة بل أراد أمر الحرب. قال بعض أرباب الحواشي: وقع في بيت لقيط تحريفات جمة بعض من بيت وبعض من بيت آخر وليس ذلك، وفي كامل أبي العباس المبرد غيره هكذا:
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست