تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٤٠
أقرين إنك لو رأيت فوارسي * بعمايتين إلى جوانب صلفع (حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن * للغدر خائنة مغل الأصبع) هو للكلابي. في سورة المائدة عند قوله تعالى (ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم) يقال على خيانة أو على فعلة ذات خيانة أو على نفس أو على فرقة خائنة. ويقال رجل خائنة كقولهم رجل راوية للشعر للمبالغة كما في البيت. وقرين: اسم ضيف نزل على القائل وطمع في جارية للمضيف فقال له: لو رأيت فوارسي بعمايتين، وهما جبلان، لخفت وما غدرت وما طمعت في جاريتي. وصلفع: اسم موضع ومعناه: لو رأيت فوارسي بهذه المواضع لم تكن خائنة كالذي يغل الأصبع من الكف: أي لم تكن تخون خيانة قليلة فكيف بالكثيرة.
(ومنا الذي اختير الرجال سماحة * وجودا إذا هب الرياح الزعازع) في سورة الأعراف عند قوله تعالى (واختار موسى قومه سبعين رجلا) أي من قومه فحذف الجار وأوصل الفعل كما في البيت، وقد مدح الشاعر أهله وقبيلته بالسماحة والجود في فصل الشتاء الذي يضن فيه أهل البوادي لأن الميرة تنقطع عنهم فيه وتعز الأقوات ويعدم المرعى، فمن كان جوادا في ذلك الوقت فما ظنك بجوده وكرمه في غيره، والزعازع بالزاي المعجمة والعين المهملة فيهما الرياح الشديدة والأصل فيه واختير من الرجال فحذف حرف الجر لفظا وتعدى الفعل بنفسه.
(إني وجدت من المكارم حسبكم * أن تلبسوا خز الثياب وتشبعوا) لجرير. في سورة الأنفال عند قوله تعالى (فإن حسبك الله) وبعده:
فإذا تذوكرت المكارم مرة * في مجلس أنتم به فتقنعوا حسبكم: أي فحسبكم تقول حسبك ما أعطيت أي كفاك، والحر من كل شئ أعتقه، وتقنعوا أي غطوا وجوهكم من الحياء. وجرير قد هجا قوما وقال: كفاكم من المكارم لبس الثياب الناعمة وأكل المطعومات الطيبة، وإذا ذكرت المكارم في مجلس فغطوا وجوهكم من الحياء فلستم منها في شئ، وكأنه أخذ هذا المعنى من قول الحطيئة في الزبرقان بن بدر لما استعدى عمر رضي الله عنه على الحطيئة، فقال عمر: أما ترضى أن تكون طاعما كاسيا. فقال والله لولا الإسلام لقتلته، قال لا أعلم هجاء ولكن ادعو ابن الفريعة يعني حسان بن ثابت فلما جاءه قال له عمر رضي الله عنه أهجاه؟ فقال لا يا أمير المؤمنين ولكنه سلح عليه، فقال عمر لأحبسك أو لتكفن عن أعراض المسلمين فقال يا أمير المؤمنين لكل مقام مقال. قال وإنك لتهددني؟ فلما حبسه كتب إليه:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ * حمر الحواصل لا ماء ولا شجر ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة * فارحم عليك سلام الله يا عمر نفسي فداؤك كم بيني وبينهم * من عرض أودية يعمى لها الخبر فلما قرأها عمر رضي الله عنه رق له وبكى وخلى سبيله.
(يا ليت شعري والحوادث جمة * هل أغدون يوما وأمري مجمع) في سورة يونس عند قوله تعالى (فأجمعوا أمركم وشركاءكم) من أجمع الأمر وأزمعه: إذا نواه وعزم عليه، كما قال هل أغدون يوما وأمري مجمع عليه في إنفاذه وامتثاله. يقال: أجمع الأمر: إذا نواه وعزم عليه، وفي
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»
الفهرست