تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٣٨
جيدة، ثم رثاه بعد موته فقيل له: يا أبا يعقوب مدائحك لآل منصور بن زياد أحسن من مراثيك وأجود، فقال:
كنا نعمل على الرجاء ونحن اليوم نعمل على الوفاء وبينهما بون بعيد، وهذا بعكس ما يحكى عن البحتري فإنه كان مختصا بأبي سعيد بن يوسف، وكان مداحا له طول أيامه ولابنه من بعده، ورثاهما بعد موتهما فأجاد، ومراثيه فيهما أجود من مدائحه، وربما قيل له في ذلك فقال: من تمام الوفاء أن تفضل المراثي المدائح.
(وما الناس إلا كالديار وأهلها * بها يوم حلوها وغدوا بلاقع) في سورة البقرة عند قوله تعالى (أو كصيب من السماء فيه ظلمات) إلى آخر الآية، حيث شبه حيرة المنافقين وشدة الأمر عليهم بما يكابده من طفئت ناره بعد إيقادها في ظلمة الليل، وكذلك من أخذته السماء في الليلة المظلمة مع رعد وبرق وخوف من الصواعق، ألا ترى إلى قوله (إنما مثل الحياة الدنيا كماء) كيف ولى الماء الكاف وليس الغرض تشبيه الدنيا بالماء ولا بمفرد آخر يتمحل لتقديره، ومما هو بين في هذا قول لبيد: وما الناس الخ، لم يشبه الناس بالديار، وإنما شبه وجودهم في الدنيا وسرعة زوالهم وفنائهم بحلول أهل الديار فيها ووشك نهوضهم عنها وتركها خاوية. وغدوا كفلس أصل غد حذفت اللام وجعل الدال حرف إعراب كدم ويد، قال الشاعر:
لا تقلواها وادلواها دلوا * إن مع اليوم أخاه غدوا (أمن ريحانة الداعي السميع * يؤرقني وأصحابي هجوع) في سورة البقرة عند قوله تعالى (بديع السماوات والأرض) على القول بأن السميع بمعنى المسمع والبديع بمعنى المبدع. قال في الكشاف: وفيه نظر: أي لا نسلم أنه بمعنى المسمع لجواز أن يريد أنه سميع لخطابه فيكون بمعنى السامع، لأن داعي الشوق لما دعاه صار سامعا لقوله، ولئن سلم فهو شاذ لأن فعيلا بمعنى مفعول شاذ: أي أمن ريحانة:
اسم امرأة الداعي السميع يؤرقني، والحال أن أصحابي نيام غافلون. قيل إن عمرا كان معدودا في الفرسان ثم عد في الشعر بهذا البيت. وريحانة هي أخت دريد بن الصمة عشقها عمرو وأغار عليها، ثم التمس من دريد أن يتزوجها فأجاب:
(إن تك جلمود بصر لا أؤبسه، أوقد عليه فأحميه فينصدع السلم تأخذ منها ما رضيت به * والحرب يكفيك من أنفاسها جرع) في سورة البقرة عند قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) قاله العباس بن مرداس لخفاف بن ندبة وهو أبو خراشة، وقيل قوله: السلم تأخذ منها البيت المشهور من شواهد النحو، وهو:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر * فإن قومي لم تأكلهم الضبع البصر: الحجارة تضرب إلى البياض، فإذا جاءوا بالهاء قالوا بصرة. والتأبيس: التذليل. يقول: إني أقدر على كل وجه، وكنت حجرا لا يذلل لأوقدت عليه حتى يتفتت. يريد: أن حيلته تنفذ فيه، والسلم وإن طالت لم تر فيها إلا ما تحب ولا يضرك طولها، والحرب اليسير منها يكفيك. والسلم يذكر ويؤنث. قال تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) وجواب الشرط قوله أوقد. وقوله أؤبسه في موضع النعت لجلمود، كأنه يقول: إن كنت صخرا لا تنكسر فإن لي حيلة في أمرك. قال في الصحاح: الأصمعي أبست به تأبيسا: أي ذللته وحقرته وكسرته.
قال عباس بن مرداس: إن تك جلمود بصر الخ. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الأنفال عند قوله تعالى
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست