الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٦
والأرض بل لا يوقنون. أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون. أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين. أم له البنات ولكم البنون.
أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون. أم عندهم الغيب فهم يكتبون. أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون. أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون. وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم. فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون. يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا ولاهم ينصرون. وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون. واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك
____________________
الخالق (بل لا يوقنون) أي إذا سئلوا من خلقكم وخلق السماوات والأرض؟ قالوا الله وهم شاكون فيما يقولون لا يوقنون. وقيل أخلقوا من أجل لا شئ من جزاء ولا حساب، وقيل أخلقوا من غير أب وأم (أم عندهم خزائن) الرزق حتى يرزقوا النبوة من شاءوا؟ أو عندهم خزائن علمه حتى يختاروا لها من اختياره حكمة ومصلحة (أم هم المسيطرون) الأرباب الغالبون حتى يدبروا أمر الربوبية ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم، وقرئ المسيطرون بالصاد (أم لهم سلم) منصوب إلى السماء يستمعون صاعدين فيه إلى كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن من تقدم هلاكه على هلاكهم وظفرهم في العاقبة دونه كما يزعمون (بسلطان مبين) بحجة واضحة تصدق استماع مستمعهم. المغرم أن يلتزم الإنسان ما ليس عليه: أي لزمهم مغرم ثقيل فدحهم فزهدهم ذلك في اتباعك (أم عندهم الغيب) أي اللوح المحفوظ (فهم يكتبون) ما فيه حتى يقولوا لا نبعث وإن بعثنا لم نعذب (أم يريدون كيدا) وهو كيدهم في دار الندوة برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين (فالذين كفروا) إشارة إليهم، أو أريد بهم كل من كفر بالله (هم المكيدون) هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم ويحيق بهم مكرهم وذلك أنهم قتلوا يوم بدر، أو المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته. الكسف: القطعة وهو جواب قولهم - أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا - يريد أنهم لشدة طغيانهم وعنادهم لو أسقطناه عليهم لقالوا هذا سحاب مركوم بعضه فوق بعض يمطرنا، ولم يصدقوا أنه كسف ساقط للعذاب. وقرئ حتى يلقوا ويلقوا (يصعقون) يموتون.
وقرئ يصعقون يقال صعقه فصعق وذلك عند النفخة الأولى نفخة الصعق (وإن للذين ظلموا) وإن لهؤلاء الظلمة (عذابا دون ذلك) دون يوم القيامة وهو القتل ببدر والقحط سبع سنين وعذاب القبر. وفى مصحف عبد الله دون ذلك قريبا (لحم ربك) بإمهالهم وما يلحقك فيه من المشقة والكلفة (فإنك بأعيننا) مثل: أي بحيث نراك ونكلؤك وجمع العين لأن الضمير بلفظ ضمير الجماعة، ألا ترى إلى قوله تعالى - ولتصنع على عيني -. وقرئ بأعيننا
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»