الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٥
قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون. يسألون أيان يوم الدين. يوم هم على النار يفتنون. ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون، إن المتقين في جنات وعيون. آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون.
____________________
أي يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه، وعنه أيضا: يأفك عنه من أفك: أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب. وقرئ يؤفن عنه من أفن: أي يحرمه من حرم من أفن الضرع إذا نهكه حلبا (قتل الخراصون) دعاء عليهم كقوله تعالى - قتل الإنسان ما أكفره - وأصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن وقبح. والخراصون الكذابون المقدرون ما لا يصح وهم أصحاب القول المختلف، واللام إشارة إليهم كأنه قيل قتل هؤلاء الخراصون وقرئ قتل الخراصين: أي قتل الله (في غمرة) في جهل يغمرهم (ساهون) غافلون عما أمروا به (يسئلون) فيقولون (أيان يوم الدين) أي متى يوم الجزاء، وقرئ بكسر الهمزة وهى لغة. فإن قلت: كيف وقع أيان ظرفا لليوم وإنما تقع الأحيان ظروفا للحدثان. قلت: معناه أيان وقوع يوم الدين. فإن قلت: فبم انتصب اليوم الواقع في الجواب قلت: بفعل مضمر دل عليه السؤال أن يقع يوم هم على النار يفتنون. ويجوز أن يكون مفتوحا لإضافته إلى غير متمكن وهى الجملة. فإن قلت: فما محله مفتوحا؟ قلت: يجوز أن يكون محله نصبا بالمضمر الذي هو يقع ورفعا على هو يوم هم على النار يفتنون، وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع (يفتنون) يحرقون ويعذبون ومنه الفتين وهى الحرة لأن حجارتها كأنها محرقة (ذوقوا فتنتكم) في محل الحال: أي مقولا لهم هذا القول (هذا) مبتدأ، و (الذي) خبره أي هذا العذاب هو الذي (كنتم به تستعجلون) ويجوز أن يكون هذا بدلا من فتنتكم: أي ذوقوا هذا العذاب (آخذين ما آتاهم ربهم) قابلين لكل ما أعطاهم راضين به: يعنى أنه ليس فيما آتاهم إلا ما هو متلقى بالقبول مرضى غير مسخوط لأن جميعه حسن طيب، ومنه قوله تعالى - ويأخذ الصدقات - أي يقبلها ويرضاها (محسنين) قد أحسنوا أعمالهم وتفسير إحسانهم ما بعده (ما) مزيدة، والمعنى كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل إن جعلت قليلا ظرفا، ولكن أن تجعله صفة للمصدر: أي كانوا يهجعون هجوعا قليلا، ويجوز أن تكون
(١٥)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»