الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٢
فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. ومن الليل فسبحه وأدبار السجود. واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب. يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج. إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير. يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير. نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن
____________________
وقيل ألقى سمعه أو السمع منه. اللغوب: الإعياء. وقرئ بالفتح بزنة القبول والولوع. قيل نزلت في اليهود لعنت تكذيبا لقولهم خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش، وقالوا: إن الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود ومنهم أخذ (فاصبر على ما يقولون) أي اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه. وقيل فاصبر على ما يقول المشركون من إنكارهم البعث، فإن من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منهم. وقيل هي منسوخة بآية السيف، وقيل الصبر مأمور به في كل حال (بحمد ربك) حامدا ربك، والتسبيح محمول على ظاهره أو على الصلاة. فالصلاة (قيل طلوع الشمس) الفجر (وقبل الغروب) الظهر والعصر (ومن الليل) العشا آن، وقيل التهجد (وأدبار السجود) التسبيح في آثار الصلوات، والسجود والركوع يعبر بهما عن الصلاة، وقيل النوافل بعد المكتوبات. وعن علي رضي الله عنه:
الركعتان بعد المغرب. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم " من صلى بعد المغرب قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين " وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الوتر بعد العشاء والأدبار جمع دبر. وقرئ وإدبار من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت ومعناه: ووقت انقضاء السجود كقولهم آتيك خفوق النجم (واستمع) يعنى واستمع لما أخبرك به من حال يوم القيامة، وفى ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به والمحدث عنه كما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سبعة أيام لمعاذ بن جبل " يا معاذ اسمع ما أقول لك، ثم حدثه بعد ذلك ". فإن قلت: بم انتصب اليوم؟ قلت: بما دل عليه ذلك الخروج، أي يوم ينادى المنادى يخرجون من القبور. ويوم يسمعون بدل من (يوم ينادى) و (المنادى) إسرافيل ينفخ في الصور وينادى " أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء " وقيل إسرافيل ينسخ وجبريل ينادى بالحشر (من مكان قريب) من صخرة بيت المقدس وهى أقرب الأرض من السماء باثني عشر ميلا وهى وسط الأرض، وقيل من تحت أقدامهم، وقيل من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة: أيتها العظام البالية، و (الصيحة) النفخة الثانية (بالحق) متعلق بالصيحة، والمراد به البعث والحشر للجزاء، وقرئ تشقق وتشقق بإدغام التاء في الشين وتشقق على البناء للمفعول وتنشق (سراعا) حال من المجرور (علينا يسير) تقدير الظرف يدل على الاختصاص: يعنى لا يتيسر مثل ذلك الأمر العظيم إلا على القادر الذات الذي لا يشغله شأن عن شأن كما قال تعالى - ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة - (نحن أعلم بما يقولون) تهديد لهم وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم (بجبار) كقوله تعالى - بمسيطر - حتى تقسرهم على الإيمان إنما أنت داع وباعث. وقيل أريد التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم. ويجوز أن
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»