الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٩
فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين. فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم. وفى موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين. فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون. فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم. وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم. ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم. وفى ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين. فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون. فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين. وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين.
____________________
مسرفين كما سماهم عادين لإسرافهم وعدوانهم في عملهم حيث لم يقنعوا بما أبيح لهم. الضمير في (فيها) للقرية ولم يجر لها ذلك لكونها معلومة، وفى دليل على أن الإيمان والإسلام واحد وأنهما صفتا مدح. قيل هم لوط وابنتاه، وقيل كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر. وعن قتادة: لو كان فيها أكثر من ذلك لأنجاهم ليعلموا أن الإيمان محفوظ لا ضيعة على أهله عند الله (آية) علامة يعتبر بها الخائفون دون القاسية قلوبهم. قال ابن جريج:
هي صخر منضود فيها، وقيل ماء أسود منتن (وفى موسى) عطف على وفى الأرض آيات أو على قوله - وتركنا فيها آية - على معنى وجعلنا في موسى آية كقوله * علفتها تبنا وماء باردا * (فتولى بركنه) فازور وأعرض كقوله - ونأى بجانبه - وقيل فتولى بما كان يتقوى به من جنوده وملكه، وقرئ بركنه بضم الكاف (وقال ساحر) أي هو ساحر (مليم) آت بما يلام عليه من كفره وعناده، والجملة مع الواو حال من الضمير في فأخذناه. فإن قلت: كيف وصف نبي الله يونس صلوات الله عليه بما وصف به فرعون في قوله تعالى - فالتقمه الحوت وهو مليم -؟ قلت: موجبات اللوم تختلف وعلى حسب اختلافها تختلف مقادير اللوم، فراكب الكبيرة ملوم على مقدارها وكذلك مقترف الصغيرة، ألا ترى إلى قوله تعالى - وعصوا رسله - وعصى آدم ربه - لأن الكبيرة والصغيرة يجمعهما اسم العصيان كما يجمعهما اسم القبيح والسيئة (العقيم) التي لا خير فيها من إنشاء مطر أو إلقاح شجر وهى ريح الهلاك. واختلف فيها، فعن علي رضي الله عنه النكباء، وعن ابن عباس الدبور، وعن ابن المسيب الجنوب الرميم كل ما رم: أي بلى وتفتت من عظم أو نبات أو غير ذلك (حتى حين) تفسيره قوله - تمتعوا في داركم ثلاثة أيام - (فعتوا عن أمر ربهم) فاستكبروا عن امتثاله. وقرئ الصعقة وهى المرة من مصدر صعقتهم الصاعقة، والصاعقة النازلة نفسها (وهم ينظرون) كانت نهارا يعاينونها. وروى أن العمالقة كانوا معهم في الوادي ينظرون إليهم وما ضرتهم (فما استطاعوا من قيام) كقوله تعالى - فأصبحوا في دارهم جاثمين - وقيل هو من قولهم ما يقوم به إذا عجز عن دفعه (منتصرين) ممتنعين من العذاب (وقوم) قرئ بالجر على معنى وفى قوم نوح، وتقويه قراءة عبد الله وفى قوم نوح، وبالنصب على معنى وأهلكنا قوم نوح لأن ما قبله يدل عليه أو واذكر قوم نوح
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»