الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٣٠
ما زاغ البصر وما طغى. لقد رأى من آيات ربه الكبرى. أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.
____________________
(ما زاغ) بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما طغى) أي أثبت ما رآه إثباتا مستقينا صحيحا من غير أن يزيغ بصره عنه أو يتجاوزه، أو ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومكن منها. وما طغى: وما جاوز ما أمر برؤيته (لقد رأى) والله لقد رأى (من آيات ربه) الآيات التي هي كبراها وعظماها: يعنى حين رقى به إلى السماء فأرى عجائب الملكوت (اللات والعزى ومناة) أصنام كانت لهم وهى مؤنثات، فاللات كانت لثقيف بالطائف، وقيل كانت بنخلة تعبدها قريش وهى فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة، أو يلتوون عليها أن يطوفون. وقرئ اللات بالتشديد، وزعموا أنه سمى برجل كان يلت عنده السمن بالزيت ويطعمه الحاج. وعن مجاهد: كان رجل يلت السويق بالطائف وكانوا يعكفون على قبره فجعلوه وثنا. والعزى كانت لغطفان وهى سمرة وأصلها تأنيث الأعز، وبعث إليها رسول الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها واضعة يدها على رأسها، فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول:
يا عز كفرانك لا سبحانك * إني رأيت الله قد أهانك ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: تلك العزى ولن تعبد أبدا. ومناة صخرة كانت لهذيل وخزاعة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما لثقيف. وقرئ ومناءة وكأنها سميت مناة لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها: أي تراق، ومناءة مفعلة من النوء كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها، و (الأخرى) ذم، وهى المتأخرة الوضيعة المقدار كقوله تعالى - وقالت أخراهم لأولاهم - أي وضعاهم لرؤسائهم وأشرافهم. ويجوز أن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى. كانوا يقولون: إن الملائكة وهذه الأصنام
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»