الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٢٧٥
* سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا * يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا * إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب
____________________
إلا ملعونين، دخل حرف الاستثناء على الظرف والحال معا كما مر في قوله - إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه - ولا يصح أن ينتصب عن أخذوا لان ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها. وقيل في قليلا هو منصوب على الحال أيضا، ومعناه: لا يجاورونك إلا أقلاء أذلاء ملعونين. فإن قلت: ما موقع لا يجاورونك؟ قلت:
لا يجاورونك عطف على لنغرينك لأنه يجوز أن يجاب به القسم، ألا ترى إلى صحة قولك: لئن لم ينتهوا لا يجاورونك فإن قلت: أما كان من حق لا يجاورونك أن يعطف بالفاء وأن يقال لنغرينك بهم فلا يجاورونك؟ قلت: لو جعل الثاني مسببا عن الأول لكان الامر كما قلت، ولكنه جعل جوابا آخر للقسم معطوفا على الأول، وإنما عطف بثم لان الجلاء عن الأوطان كان أعظم عليهم وأعظم من جميع ما أصيبوا به فتراخت حاله عن حال المعطوف عليه (سنة الله) في موضع مصدر مؤكد: أي سن الله في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا حيثما ثقفوا. وعن مقاتل: يعني كما قتل أهل بدر وأسروا. كان المشركون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة استعجالا على سبيل الهزء، واليهود يسألونه امتحانا لان الله تعالى عمى وقتها في التوراة وفي كل كتاب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به لم يطلع عليه ملكا ولا نبيا، ثم بين لرسوله أنها قريبة الوقوع تهديدا للمستعجلين وإسكاتا للممتحنين (قريبا) شيئا قريبا، أو لان الساعة في معنى اليوم أو في زمان قريب. السعير: النار المسعورة الشديدة الايقاد. وقرئ تقلب على البناء للمفعول وتقلب بمعنى تتقلب ونقلب:
أي نقلب نحن وتقلب على أن الفعل للسعير، ومعنى تقليبها تصريفها في الجهات كما ترى البضعة تدور في القدر إذا غلت فترامى بها الغليان من جهة إلى جهة أو تغييرها عن أحوالها وتحويلها عن هيئاتها أو طرحها (1) في النار مقلوبين منكوسين، وخصت الوجوه بالذكر لان الوجه أكرم موضع على الانسان من جسده. ويجوز ان يكون الوجه عبارة عن الجملة وناصب الظرف يقولون أو محذوف وهو أذكر، وإذا نصب بالمحذوف كان يقولون حالا.
وقرئ سادتنا وساداتنا وهم رؤساء الكفر الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم. يقال ضل السبيل وأضله إياه، وزيادة الألف لاطلاق الصوت جعلت فواصل الآي كقوافي الشعر، وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع وأن ما بعده مستأنف. وقرئ كثيرا لاعداد اللعائن، وكبيرا ليدل على أشد اللعن وأعظمه (ضعفين) ضعفا

(1) قوله (أو طرحها) كذا في الأصل وعبارة أبي السعود (أو يطرحون فيها الخ) كتبه مصححه.
(٢٧٥)
مفاتيح البحث: العذاب، العذب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»