الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٩
قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير. وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير. قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم،
____________________
أمرت بالاسلام ونهيت عن الشرك، و (من يصرف عنه) العذاب (يومئذ فقد رحمه) الله الرحمة العظمى وهي النجاة كقولك: ن أطعمت زيدا من جوعه فقد أحسنت إليه، تريد فقد أتممت الإحسان إليه، أو فقد أدخله الجنة لأن من لم يعذب لم يكن له بد من الثواب، وقرئ من يصرف عنه على البناء للفاعل، والمعنى: من يصرف الله عنه في ذلك اليوم فقد رحمه، بمعنى من يدفع الله عنه ويحفظه وقد علم من المدفوع عنه وترك ذكر المصروف لكونه معلوما أو مذكورا قبله وهو العذاب، ويجوز أن ينتصب يومئذ بيصرف انتصاب المفعول به: أي من يصرف الله عنه ذلك اليوم: أي هوله فقد رحمه، وينصر هذه القراءة قراءة أبي رضي الله عنه: من يصرف الله عنه (وإن يمسسك الله بضر) من مرض أو فقر أو غير ذلك من بلاياه فلا قادر على كشفه إلا هو (وإن يمسسك بخير) من غنى أو صحة (فهو على كل شئ قدير) فكان قادرا على إدامته أو إزالته (فوق عباده) تصوير للقهر والعلو بالغلبة والقدرة كقوله - وأنا فوقهم قاهرون - الشئ أعم العام لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه فيقع على القديم والجرم والعرض والمحال والمستقيم، ولذلك صح أن يقال في الله عز وجل: شئ لا كالأشياء، كأنك قلت: معلوم لا كسائر المعلومات، ولا يصح جسم لا كالأجسام. وأراد أي شهيد (أكبر شهادة) فوضع شيئا مقام شهيد ليبالغ في التعميم (قل الله شهيد بيني وبينكم) يحتمل أن يكون تمام الجواب عند قوله قل الله بمعنى الله أكبر شهادة، ثم ابتدأ شهيد بيني وبينكم: أي هو شهيد بيني وبينكم، وأن يكون الله شهيد بيني وبينكم هو الجواب
(٩)
مفاتيح البحث: الشهادة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»