الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٢
وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها، حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين وهم ينهون عنه وينأون عنه، وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون. ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين.
____________________
بيننا وبينك حجاب، وقرأ طلحة وقرا بكسر الواو (حتى إذا جاءوك يجادلونك) هي حتى التي تقع بعدها الجمل، والجملة قوله إذا جاءوك (يقول الذين كفروا) ويجادلونك في موضع الحال، ويجوز أن تكون الجارة ويكون إذا جاءوك في محل الجر بمعنى حتى وقت مجيئهم، ويجادلونك حال، وقوله يقول الذين كفروا تفسير له.
والمعنى: أنه بلغ تكذيبهم الآيات إلى أنهم يجادلونك ويناكرونك، وفسر مجادلتهم بأنهم يقولون (إن هذا إلا أساطير الأولين) فيجعلون كلام الله وأصدق الحديث خرافات وأكاذيب وهي الغاية في التكذيب (وهم ينهون) الناس عن القرآن أو عن الرسول عليه الصلاة والسلام واتباعه ويثبطونهم عن الايمان به (وينأون عنه) بأنفسهم فيضلون ويضلون (وإن يهلكون) بذلك (إلا أنفسهم) ولا يتعداهم الضرر إلى غيرهم وإن كانوا يظنون أنهم يضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل هو أبو طالب لأنه كان ينهى قريشا عن التعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وينأى عنه ولا يؤمن به. وروى أنهم اجتمعوا إلى أبي طالب وأرادوا برسول الله صلى الله عليه وسلم سوءا فقال:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وأبشر بذاك وقر منه عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصح * ولقد صدقت وكنت ثم أمينا وعرضت دينا لا محالة أنه * من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذاري سبة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا فنزلت (ولو ترى) جوابه محذوف تقديره: ولو ترى لرأيت أمرا شنيعا (وقفوا على النار) أروها حتى يعاينوها أو اطلعوا عليها اطلاعا هي تحتهم، أو أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها، من قولك وقفته على كذا: إذا فهمته وعرفته. وقرئ وقفوا على البناء للفاعل من وقف عليه وقوفا (يا ليتنا نرد) تم تمنيهم ثم ابتدءوا (ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) واعدين الايمان كأنهم قالوا: ونحن لا نكذب ونؤمن على وجه الإثبات، وشبهه
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»