الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢٩
وأمرنا لنسلم لرب العالمين. وأن أقيموا الصلاة واتقوه، وهو الذي إليه تحشرون.
وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق، ويوم يقول كن فيكون، قوله الحق، وله الملك يوم ينفخ في الصور، عالم الغيب والشهادة، وهو الحكيم الخبير. وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر
____________________
إلا الضلال - فإن قلت: فما محل الكاف في قوله كالذي استهوته؟ قلت: النصب على الحال من الضمير في نرد على أعقابنا: أي أننكص مشبهين من استهوته الشياطين. فإن قلت: ما معنى استهوته؟ قلت: هو استفعال من هوى في الأرض إذا ذهب فيها كأن معناه طلبت هويه وحرصت عليه. فإن قلت: ما محل (أمرنا)؟ قلت:
النصب عطفا على محل قوله - إن هدى الله هو الهدى - على أنهما مقولان كأنه قيل: قل هذا القول وقل أمرنا لنسلم، فإن قلت: ما معنى اللام في (لنسلم)؟ قلت: هي تعليل للأمر بمعنى أمرنا، وقيل لنا أسلموا لأجل أن نسلم.
فإن قلت: فإذا كان هذا واردا في شأن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكيف قيل للرسول عليه الصلاة والسلام قل أندعوا؟ قلت: للاتحاد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين خصوصا بينه وبين الصديق أبي بكر رضي الله عنه. فإن قلت: علام عطف قوله (وأن أقيموا)؟ قلت: على موضع لنسلم، كأنه قيل:
وأمرنا أن نسلم وأن أقيموا، ويجوز أن يكون التقدير: وأمرنا لأن نسلم ولأن أقيموا: أي للإسلام ولإقامة الصلاة (قوله الحق) مبتدأ ويوم يقول خبره مقدما عليه وانتصابه بمعنى الاستقرار كقولك: يوم الجمعة القتال، واليوم بمعنى الحين. والمعنى: أنه خلق السماوات والأرض قائما بالحق والحكمة، وحين يقول لشئ من الأشياء كن فيكون ذلك الشئ. قوله الحق والحكمة: أي لا يكون شيئا من السماوات والأرض وسائر المكنونات إلا عن حكمة وصواب، و (يوم ينفخ) ظرف لقوله - وله الملك - كقوله - لمن الملك اليوم - ويجوز أن يكون قوله الحق فاعل يكون على معنى وحين يقول لقوله الحق: أي لقضائه الحق كن فيكون قوله الحق، وانتصاب اليوم المحذوف دل عليه قوله بالحق، كأنه قيل: وحين يكون ويقدر يقوم بالحق (عالم الغيب) هو عالم الغيب وارتفاعه على المدح (آزر) اسم أبي إبراهيم عليه السلام، وفي كتب التواريخ أن اسمه بالسريانية تارح، والأقرب أن يكون وزن آزر
(٢٩)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»