الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٨
قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين.
بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلو لا إذ جاءهم بأسنا
____________________
أي يلطف به لأن اللطف يجدي عليه (أرأيتكم) أخبروني، والضمير الثاني لا محل له من الاعراب لأنك تقول: أرأيتك زيدا ما شأنه، فلو جعلت للكاف محلا لكنت كأنك تقول: أرأيت نفسك زيدا ما شأنه، وهو خلف من القول ومتعلق الاستخبار محذوف تقديره (إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة) من تدعون ثم بكتهم بقوله (أغير الله تدعون) بمعنى أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضر أم تدعون الله دونها (بل إياه تدعون) بل تخصونه بالدعاء دون الآلهة (فيكشف ما تدعون إليه) أي ما تدعونه إلى كشفه (إن شاء) إن أراد أن يتفضل عليكم ولم يكن مفسدة (وتنسون ما تشركون) وتتركون آلهتكم أو لا تذكرونها في ذلك الوقت لأن أذهانكم في ذلك الوقت مغمورة بذكر ربكم وحده إذ هو القادر على كشف الضر دون غيره، ويجوز أن يتعلق الاستخبار بقوله أغير الله تدعون، كأنه قيل: أغير الله تدعون إن أتاكم عذاب الله. فإن قلت: إن علقت الشرط به فما تصنع بقوله - فيكشف ما تدعون إليه - مع قوله - أو أتتكم الساعة - وقوارع الساعة لا تكشف عن المشركين؟ قلت: قد اشترط في الكشف المشيئة وهو قوله إن شاء إيذانا بأنه إن فعل كان له وجه من الحكمة إلا أنه لا يفعل لوجه آخر من الحكمة أرجح منه. البأساء والضراء: البؤس والضر، وقيل البأساء القحط والجوع، والضراء المرض ونقصان الأموال والأنفس. والمعنى: ولقد أرسلنا إليهم الرسل فكذبوهم فأخذناهم (لعلهم يتضرعون) يتذللون ويتخشعون لربهم ويتوبون عن ذنوبهم (فلو لا إذ جاءهم بأسنا
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»