التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٨
وفي ذلك دلالة على أن صانعه عالم لأنه فعل الحواس الخمس على البنية التي تصلح له مما يختص كل واحد منها بادراك شئ بعينه، لا يشركه فيه الآخر، لأن العين لا تصلح إلا لادراك المبصرات وكذلك الفم يصلح للذوق، والانف للشم، والبشرة للمس، وكل شئ من ذلك يختص بمالا يشركه فيه الآخر وفى ذلك أوضح دلالة على أن صانعها عالم بها، وأنه لا يشبهه شئ، ولو لم يكن إلا خلق العقل الذي يهدي إلى كل أمر، ويتميز به العاقل من كل حيوان، ولا يشبهه شئ في جلالته وعظم منزلته لكان فيه كفاية على جلالة صانعه وعظم خالقه. وقيل: معنى اختلاف الليل والنهار تعاقبهما. وقيل: زيادتهما ونقصانهما، وإنزال الماء من السماء من الغيث والمطر واحياء الأرض بالنبات بعد الجدب والقحط فيثبت الله بذلك رزق الحيوان.
وقوله " وبث فيها من كل دابة " أي فرق فيها من جميع الحيوان بأن خلقها وأوجدها، وتصريف الرياح بأن يجعلها تارة جنوبا وتارة شمالا ومرة دبورا ومرة صبا - في قول الحسن - وقال قتادة: يجعلها رحمة مرة وعذابا أخرى. وقال الحسن:
كثافة السماء مسيرة خمسمائة عام وما بين كل سماء إلى سماء فتق مسيرة خمسمائة عام وبين كل أرضين فتق مسيرة خمسمائة عام، وكثافة الأرض مسيرة خمسمائة عام.
قوله تعالى:
(تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون (6) ويل لكل أفاك أثيم (7) يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم (8) وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم
(٢٤٨)
مفاتيح البحث: الخمس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست