التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٧
حروف المعجم، لأنه سمي به ليدل عليه بأوصافه، ومن أوصافه انه مفصل قد فصلت كل سورة من أختها. ومن أوصافه أنه هدى ونور، فكأنه قيل: هذا اسمها الدال عليه بأوصافه. ثم وصف تعالى الكتاب بأنه تنزيل من الله في مواضع من السور لاستفتاحه بتعظيم شأنه على تصريف القول بما يقتضي ذلك فيه من أضافته إلى الله تعالى من أكرم الوجوه وأجلها وما يتفق الوصف فيه يقتضى انه كالأول في علو المنزلة وجلالته عند الله وإذا أفاد هذا المعنى باقتضائه له لم يكن تكريرا، ويقول القائل: اللهم اغفر لي اللهم ارحمني اللهم عافني اللهم أوسع علي في رزقي فيأتي بما يؤذن أن تعظيمه لربه منعقد بكل ما يدعو به.
وقوله " من الله " يدل على أن ابتداءه منه تعالى " العزيز " ومعناه القادر الذي لا يغالب " الحكيم " معناه العالم. وقد يكون بمعنى أن أفعاله حكمة وصواب ثم أخبر تعالى ان في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين الذين يصدقون بالله ويقرون بتوحيده وصدق أنبيائه وإنما أضاف الآيات إلى المؤمنين وإن كانت أدلة للكافرين أيضا، لان المؤمنين انتفعوا بها دون غيرهم من الكفار. والآيات هي الدلالات والحجج. وفي السماوات والأرض دلالات على الحق من وجوه كثيرة، منها أنه يدل بخلقها على أن لها خالقا، وانه قادر لا يعجزه شئ وانه مخالف لها، فلا يشبهها وعلى انه عالم بما فيها من الاتقان والانتظام. وفي استحالة تعلق القدرة بها دلالة على أن صانعها قديم غير محدث وبوقوفها مع عظمها وثقل اجرامها بغير عمد ولا سند يدل على أن القادر عليها قادر على الاتيان بمالا يتناهى ولا يشبه أحد من القادرين وانه خارج عن حد الطبيعة.
ثم بين تعالى ان في خلقنا آيات، والوجه في الدلالة في خلقنا ضروب كثيرة: منها خلق النفس على ما هو به من وضع كل شئ موضعه لما يصلح له.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست