التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٢
ماء نابعة فيها " يلبسون من سند وإستبرق " فالسندس الحرير - في قول الحسن.
والإستبرق الديباج الغليظ - في قول قتادة - وإنما رغبهم في ذلك بحسب ما كانوا يعرفونه، وإن كان - ههنا - ما هو ارفع منها وأحسن " متقابلين " أي يقابل بعضهم بعضا بالمحبة، لا متدابرين بالبغضة. ثم قال ومثل ما فعلنا بهم " كذلك زوجناهم بحور عين " فالحور جمع حوراء من الحور، وهو شدة البياض. وقال قتادة " بحور " أي ببيض، ومنه الحور لبياضه، وحورته أي بيضته من حار يحور أي رجع إلى الحالة الأولى كما يرجع إلى حال الأبيض، ومنه المحور " والعين " جمع عيناء وهي الواسعة العين الحسنة، وكذلك لهم في حكم الله. وقال الحسن: العيناء الشديدة السواد سواد العين، الشديدة البياض بياضها " يدعون فيها بكل فاكهة آمنين " أي يستدعون أي ثمرة شاؤوا غير خائفين فوتها. ثم قال " لا يذوقون فيها " يعني في الجنة " الموت إلا الموتة الأولى " شبه الموت بالطعام الذي يذاق وينكر عند المذاق. ثم نفى ذلك، وانه لا يكون ذلك في الجنة، وإنما خصهم بأنهم لا يذوقون الموت مع أن جميع الحيوان يوم القيامة لا يذوقون الموت، لما في ذلك من البشارة لهم بانتهاء ذلك إلى الحياة الهنيئة في الجنة، فأما من يكون فيها هو كحال الموت في الشدة، فلا يطلق له هذه الصفة، لأنه يموت موتات كثيرة بما يلاقي ويقاسي من الشدة، واما غير المكلفين، فليس مما يعقل، فتلحقه هذه البشارة وإن عم ذلك أهل الجنة.
وقوله " إلا الموتة الأولى " قيل إن (إلا) بمعنى (بعد) كأنه قال بعد الموتة الولي. وقيل: معنى (إلا) سوى كأنه قال: سوى الموتة الأولى. وقيل:
إنها بمعنى (لكن) وتقديره لكن الموتة الأولى قد ذاقوها. وقال الجبائي: هذا حكاية حال المؤمنين في الآخرة، فلما اخبرهم بذلك في الدنيا، وهم لم يذوقوا بعد
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست