التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٣١
وافقه الداجوني وحفص في المطففين.
حكى الله تعالى أن موسى حين يئس من قومه ان يؤمنوا به (دعا) الله (ربه) فقال (إن هؤلاء قوم مجرمون) وقيل إنه دعا بما يقتضيه سوء افعالهم وقبح إجرامهم وسوء معاملتهم له، فكأنه قال: اللهم عجل لهم بما يستحقونه باجرامهم ومعاصيهم بما به يكونون نكالا لمن بعدهم، وما دعا بهذا الدعاء إلا بعد إذن الله له في الدعاء عليهم.
وقوله (فاسر بعبادي) الفاء وقعت موقع الجواب، وتقديره فدعا فأجيب بأن قيل له (فاسر بعبادي) فهي عطف وقع موقع جواب الدعاء. وأمره الله تعالى بأن يسير بأهله والمؤمنين به لئلا يروهم إذا خرجوا نهارا، واعلمه (إنكم متبعون) أنه سيتبعهم فرعون وقومه ويخرجون خلفهم، وأمره بأن (يترك البحر رهوا) أي ساكنا على ما هو به من كثرته إذا قطعه، ولا يرده إلى ما كان ويقال: عيش رآه إذا كان خفضا وادعا. وقال قوم: معناه اترك البحر يبسا.
وقيل: طريقا يابسا. وقال ابن الاعرابي: معناه واسعا ما بين الطاقات. وقال خالد ابن خيبري: معناه رمثا أي سهلا ليس برمل ولا حزن. ذكره الأزهري يقال:
جاء الخيل رهوا أي متتابعة. وقال ابن الاعرابي الرهو من الخيل والطير السراع. وقال العكلي: المرهي من الخيل الذي تراه كأنه لا يسرع، وإذا طلب لا يدرك، ويقال: أعطاه سهوا رهوا أي كثيرا لا يحصى. وإنما قيل ذلك، لأنه كان أمره أولا ان يضرب البحر بعصاه ليفلق فيه طرقا لقومه ثم أمره بأن يتركه على الحالة الأولى ليغرق فيه فرعون وجنده، قال الشاعر:
طيرا رأت بازيا نضح الدماء به * وأمة أخرجت رهوا إلى عيد (1) أي سكونا على كثرتهم.

(1) تفسير الطبري 25 / 67
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست