التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٢٨
فلا تقبل لهم توبة.
وقوله (ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون) قال مجاهد: المعنى ثم تولوا عن محمد صلى الله عليه وآله وقالوا هو معلم يعلمه غيره، ونسبوه إلى الجنون، وأنه مجنون. ثم قال تعالى (إنا كاشفوا العذاب قليلا) على وجه التبكيت لهم على شدة عنادهم إنا لو كشفنا عنكم العذاب ورفعناه عنكم (إنكم عائدون) فمن قال إن العذاب بالدخان عند رفع التكليف قال (إنكم عائدون) في العذاب، وهو قول قتادة ومن ذهب إلى أنه في الدنيا مع بقاء التكليف، قال معناه (انكم عائدون) في الضلال. وهو قول جماعة.
وقوله (يوم نبطش البطشة الكبرى) فالبطش الاخذ بشدة وقع الألم، بطش به يبطش بطشا، ومثله عرش يعرش ويعرش، وهو باطش، وأكثر ما يكون بوقوع الضرب المتتابع، فأجري افراغ الألم المتتابع مجراه و (البطشة الكبرى) قال ابن مسعود ومجاهد وأبو العالية، وروى عن ابن عباس وأبي بن كعب والضحاك وابن زيد: هو ما جرى عليهم يوم بدر - وفي رواية أخرى عن ابن عباس والحسن انه يوم القيامة، وهو اختيار الجبائي.
وقوله (إنا منتقمون) اخبار منه تعالى أنه ينتقم من هؤلاء الكفار بانزال العقوبة بهم، وقد فرق قوم بين النقمة والعقوبة: بأن النقمة ضد النعمة، والعقوبة ضد المثوبة، فهي مضمنة بأنها بعد المعصية في الصفة، وليس كذلك النقمة وإنما تدل الحكمة على أنها لا تقع من الحكيم إلا لأجل المعصية.
قوله تعالى:
(ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم (17)
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست