التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٣٤
على علم على العالمين (32) وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين (33) إن هؤلاء ليقولون (34) إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين (35) فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين) (36) سبع آيات كوفي وست في ما عداه، عد الكوفيون " ليقولون " ولم يعده الباقون.
اقسم الله تعالى أنه نجى أي خلص بني إسرائيل الذين آمنوا بموسى من العذاب المهين الذي كان يفعله بهم فرعون وقومه لأنهم كانوا استعبدوهم، وكانوا يكلفونهم المشاق ويحملوهم القذارات ويكلفونهم كنسها وتنظيفها وغير ذلك، فخلصهم الله تعالى حين أهلك فرعون وقومه ووفقهم للايمان بموسى.
ثم اخبر تعالى ان فرعون كان عاليا من المسرفين أي متجبرا متكبرا من المسرفين في الأرض الذين يتجاوزون حد ما يجوز فعله إلى مالا يجوز فعله استكبارا وعلوا وعتوا، يقال: أسرف يسرف إسرافا فهو مسرف، ومثله الافراط، وضده الاقتار، وإنما وصف المسرف بأنه عال، وإن كان وصف عال قد يكون صفة مدح، لأنه قيده بأنه عال في الاسراف، لان العالي في الاحسان ممدوح والعالي في الاسراف مذموم، واطلاق صفة عال تعظيم، وإذا أطلق فالمدح به أولى.
ثم اخبر تعالى مقسما بأنه اختارهم يعني موسى وقومه على علم على العالمين، فالاختيار هو اختيار الشئ على غيره بالإرادة له لتفضيله عليه. ومثله الايثار، وليس في مجرد الإرادة تفضيل شئ على غيره، لأنه قد يمكن أن يريد شيئا من غير أن يخطر بباله ما هو فيه أولى منه في العقل، فلا يكون اختياره تفضيلا. وإما ان يريد الأولى ولا يدري انه أولى، فيختاره عليه لجهله بأنه أولى أو يختاره وهو يعلم أنه غير
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست