التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٥
فأجاز عطفها على الأولى، لان معها (في) وتقديره إن في خلقكم. قال ابن خالويه ليس ذلك لحنا، لان من رفع أيضا فقد عطف على عاملين، فيكون عطف جملة على جملة ويحتمل أن يكون عطف على موضع (إن) لان موضعها الرفع، والأخفش كان يجيز العطف على عاملين، فيقول مررت بزيد في الدار والحجرة عمرو، ويحتج بقول الشاعر:
اكل امرئ تحسبين امرأ * ونار تأجج للحرب نارا (1) عطف على ما عملت فيه (كل) وما عملت فيه (تحسبين) وأجود من العطف على عاملين أن يجعل (آيات) الثانية بدلا من الأول، فيكون غير عاطف على عاملين، وتقديره إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين لآيات، كما تقول:
ضربت زيدا زيدا، فلا يحتاج إلى حرف العطف، ومن رفع آيات الثانية حملها على الابتداء والخبر، وجعل الثالثة تكرير الثانية بالرفع، قال الزجاج: لأنه يرفع (آيات) عطفا على ما قبلها، كما خفض (واختلاف) عطفا على ما قبلها. وقال أبو علي: وجه قراءة الكسائي أنه لم يحمل على موضع (إن) كما حمله من رفع (آيات) في الموضعين أو قطعه واستأنف، لكنه حمله على لفظ (إن) دون موضعها، فحمل (آيات) في الموضعين على نصب (إن) في قوله " إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين) ويكون على تقدير إن، وإن كانت محذوفة من اللفظ ويجعلها في حكم المثبت فيه، لان ذكره قد تقدم في قوله " إن في السماوات " وقوله " وفي خلقكم " فلما تقدم الجار في هذين الموضعين قدر في الاثبات في اللفظ، وإن كان محذوفا منه كما قدر سيبويه في قوله:
اكل امرئ تحسبن امرءا * [ونار تأجج للجر نارا]

(١) قائله أبو ذؤاد الايادي، تفسير القرطبي ١٦ / 157
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست