التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٣٧
ونعرضهم الثواب وننفع الحيوان بالمنافع لهم فيها واللذات. وفي الآية دلالة على من انكر البعث، لأنه لو كان على ما توهموه انه لا يجر به إلى الجزاء في دار أخرى مع ما فيه من الألم لكان لعبا، لأنه ابتدأ باختيار ألم لا يجر به إلى عوض.
ثم قال تعالى " وما خلقناهما " يعني السماوات والأرض " الا بالحق " قال الحسن معناه الا للحق الذي يصل إليه في دار الجزاء. وقيل فيه قولان آخران:
أحدهما - ما خلقناهما الابداعي العلم إلى خلقهما، والعلم لا يدعو الا إلى الصواب.
الثاني - وما خلقناهما الا على الحق الذي يستحق به الحمد خلاف الباطل الذي يستحق به الذم.
ثم قال " ولكن أكثرهم لا يعلمون " بصحة ما قلناه لعدو لهم عن النظر فيه، والاستدلال على صحته. وفي ذلك دلالة على بطلان قول من قال: المعارف ضرورية، لأنها لو كانت لما نفى تعالى علمهم بذلك.
ثم قال تعالى " ان يوم الفصل ميقاتهم أجمعين " يعني اليوم الذي يفصل فيه بين المحق والمبطل بما يضطر كل واحد منهما إلى حاله من حقه أو باطله فيشفي صدور المؤمنين ويقطع قلوب الكافرين بما يرون من ظهور الامر وانكشافه، وهو يوم القيامة، وبين انه ميقات الخلق أجمعين وهو من له ثواب وعوض أو عليه عقاب يوصله إليه.
قوله تعالى:
(يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون (41) إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (42) إن شجرت الزقوم (43)
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست