التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٢٠
كان حقيقته مقدورة فيه، وكذلك لا يقال تبنى انسان بهيمة لما كان يستحيل أن يكون مخلوقا من مائه أو على فراشه، فلما استحال حقيقته على الله تعالى استحال عليه مجازه أيضا. وإنما جاز أن يقال روح الله، ولم يجز ان يقال ولد الله لان روح الله بمعنى ملك الله للروح، وإنما أضيف إليه تشريفا. وإن كانت الأرواح كلها لله بمعنى انه مالك لها. ولا يعرف مثل ذلك في الولد. ثم نزه نفسه تعالى عن اتخاذ الولد فقال (سبحان رب السماوات والأرض) يعني الذي خلقهن (رب العرش) أي خالقه ومدبره (عما يصفون) من اتخاذ الولد، لان من قدر على خلق ذلك وإنشائه مستغن عن اتخاذ الولد.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله على وجه التهديد للكفار (فذرهم) أي اتركهم (يخوضوا) في الباطل (ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذين يوعدون) بمعنى يوعدون فيه بالعذاب الأبدي. وقال تعالى (وهو الذي في السماء إله) أي يحق له العبادة في السماء ويحق له العبادة في الأرض، وإنما كرر لفظة إله في قوله (وفي الأرض إله) لاحد أمرين:
أحدهما - للتأكيد ليتمكن المعنى في النفس لعظمه في باب الحق.
الثاني - إن المعنى هو في السماء إله، يجب على الملائكة عبادته، وفي الأرض اله يجب على الآدميين عبادته (وهو الحكيم) في جميع افعاله (العليم) بجميع المعلومات (وتبارك) وهو مأخوذ من البرك وهو الثبوت، ومعناه جل الثابت الذي لم يزل ولا يزال. وقيل: معناه جل الذي عمت بركة ذكره (الذي له ملك السماوات والأرض) أي الذي له التصرف فيهما بلا دافع ولا منازع (وما بينهما وعنده علم الساعة) يعني علم يوم القيامة، لأنه لا يعلم وقته على التعيين غيره (واليه ترجعون) يوم القيامة فيجازي كلا على قدر عمله.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست