التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٥٣
لأنه أمر وإن كان على الخبر مثل قوله (قل للذين آمنوا يغفروا) (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة) (1) فهذا مجزوم تشبيها بالجزاء.
وقوله (ليجزي قوما بما كانوا يكسبون) يحتمل معنيين:
أحدهما - قل لهم يغفروا لهم، فان الله يجازيهم يعني الكفار، فإنهم إليه يرجعون.
الثاني - أن يكون المعنى ليجزيهم الله يعني المؤمنين، ويعظم أجرهم على احتمالهم وصبرهم ولن يفوتوه يعني الكافرين بل إليه مرجعهم.
ثم قال تعالى (من عمل صالحا) يعني طاعة وخيرا (فلنفسه) لان ثواب ذلك عائد عليه (ومن أساء) بأن فعل المعصية (فعليها) أي على نفسه لان عقاب معصيته يناله دون غيره. ثم قال (ثم إلى ربكم ترجعون) الذي خلقكم ودبركم تردون يوم القيامة إليه أي إلى حيث لا يملك أحد الأمر والنهي والضر والنفع غيره، فيجازي كل إنسان على قدر علمه.
قوله تعالى:
(ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين (16) وآتيناهم بينات من الامر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون (17) ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (18) إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا

(1) سورة 14 إبراهيم آية 31
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست