التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٥٧
الكوفة إلا عاصما (غشوة) على التوحيد الباقون (غشاوة) على الجمع. من رفع (سواء) جعله مبتدأ وما بعده خبرا عنه، ويكون الوقف على قوله (وعملوا الصالحات) تاما. ويجعل الجملة في موضع النصب، لأنها خبر ل‍ (جعل) ورفع (سواء) لأنه اسم جنس لا يجري على ما قبله كما لا تجري الصفة المشبهة بالمشبهة إذا كانت لسبب الأول كذلك نحو قولك: مررت بزيد خير مه أبوه. فمثل هذا في الحال والخبر والصفة سبيلة واحد إذا كانت لسبب الأول. ومن نصب (محياهم ومماتهم) جعل (سواء) في موضع (مستو) وعامله تلك المعاملة، فجعل في موضع المفعول الثاني (أن نجعلهم) والهاء والميم المفعول الأول، وإن جعلت (كالذين آمنوا) المفعول الثاني نصب (سواء) على الحال وهو وقف حسن.
ويرفع (محياهم) بمعنى استوى محياهم ومماتهم. ومن قرأ (غشوة) جعله كالرجفة والخطفة. ومن قرأ (غشاوة) جعله مصدرا مجهولا، والفعلة المرة الواحدة، وقال قوم هما لغتان بمعنى واحد. وحكي الضم أيضا. وقيل: في الضمير في قوله (سواء محياهم ومماتهم) قولان:
أحدهما - إنه ضمير للكفار دون الذين آمنوا.
والثاني - انه ضمير للقبيلين. فمن جعل الضمير للكفار قال (سواء) على هذا القول مرتفع بأنه خبر ابتداء متقدم وتقديره محياهم ومماتهم سواء أي محياهم محيا سواء ومماتهم كذلك، فعلى هذا لا يجوز النصب في (سواء) لأنه إثبات الخبر بأن محياهم ومماتهم يستويان في الذم والبعد من رحمة الله. ومن قال الضمير يرجع إلى القبيلين قال يجوز ان ينتصب (سواء) على أنه مفعول ثان لأنه ملتبس بالقبيلين جميعا، وليس كذلك الوجه الأول، لأنه للكفار دون المؤمنين، فلا يلتبس بالمؤمن حيث كان للكفار دونهم
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست