التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٧٦
يقول الله تعالى مخاطبا لنبيه محمد صلى الله عليه وآله " انك " يا محمد " لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم " أي انك لتعطى لان الملك يلقيه إليه من قبل الله تعالى، من عند حكيم بصير بالصواب من الخطاء في تدبير الأمور بما يستحق به التعظيم. وقد يفيد (الحكيم) العامل بالصواب المحكم للأمور المتقن لها.
وعليم بمعنى عالم إلا أن فيه مبالغة. وقال الرماني هو مثل سامع وسميع، فوصفنا له بأنه عالم يفيد أن له معلوما، كما أن وصفه بأنه سامع يفيد بأن له مسموعا.
ووصفه بأنه عليم يفيد أنه متى صح معلومه. فهو عليم به، كما أن (سميعا) يفيد إنه متى وجد مسموع لابد أن يكون سامعا.
وقوله " إذ قال موسى لأهله " قال الزجاج: العامل في إذ (اذكر) وهو منصوب به. وقال غيره: هو منصوب ب‍ (عليم) إذ قال إني آنست نارا.
فالايناس الاحساس بالشئ من جهة ما يؤنس آنست كذا، أؤنسه ايناسا وما آنست به، فقد أحسست به، مع سكون نفسك إليه " سأتيكم منها بخبر " يعني بمن يدل على الطريق ويهدينا إليه، لأنه كان قد ضل " أو آتيكم بشهاب قبس " قيل:
لأنهم كانوا قد أصابهم البرد، وكان شتاء فلذلك طلب نارا. والشهاب نور كالعمود من النار، وجمعه شهب. وقيل للكوكب الذي يمتد وينقض شهاب، وجمعه شهب، وكل نور يمتد مثل العمود يسمى شهابا، والقبس القطعة من النار قال الشاعر:
في كفه صعدة مثقفة * فيها سنان كشعلة القبس (1) ومنه قيل اقتبس النار اقتباسا أي أخذ منها شعلة، واقتبس منه علما أي اخذ منه نورا يستضئ به كما يستضئ بالنار " لعلكم تصطلون " معناه، لكي

(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست