التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٧٤
بمعنى (هذا) وآيات القرآن هي القرآن، وإنما أضافها إليه، كما قال " انه لحق اليقين " (1). والقرآن والكتاب معناهما واحد، ووصفه بالوصفين ليفيد أنه مما يظهر بالقراءة، ويظهر بالكتابة، وهو بمنزلة الناطق بما فيه من الامرين جميعا وذلك يبطل قول من قال: ان كلام الله شئ واحد لا يتصرف بالقراءة والكتابة.
ووصفه بأنه مبين تشبيه له بالناطق بكذا، وإذا وصفه بأنه بيان جرى مجرى وصفه له بالنطق بكذا في ظهور المعنى به للنفس. والبيان هو الدلالة التي تبين بها الأشياء. والمبين المظهر، وحكم القرآن الموعظة بما فيها من الترغيب والترهيب والحجة الداعية إلى الحق الصارفة عن الباطل، وأحكام الشريعة التي فيها مكارم الأخلاق ومحاسن الافعال، والمصلحة فيما يجب من حق النعمة لله تعالى ما يؤدي إلى الثواب ويؤمن من العقاب. ثم وصفه بأنه " هدى وبشرى للمؤمنين " وموضع " هدى " نصب على الحال، وتقديره هاديا ومبشرا، ويجوز أن يكون رفعا على تقدير هو " هدى وبشرى للمؤمنين " والمعنى ان ما فيه من البيان والبرهان يهديهم إلى الحق، وما لهم في وجه كونه معجزا الذي فيه من اللطف ما يؤديهم إلى الثواب ويبشرهم بالجنة.
ثم وصف المؤمنين الذين بشرهم القرآن بأنهم " الذين يقيمون الصلاة " بحدودها ويداومون على أوقاتها ويخرجون ما يجب عليهم من الزكاة في أموالهم إلى مستحقها، وهم مع ذلك يوقنون بالآخرة، ويصدقون بها. ثم وصف تعالى من خالف ذلك ولم يصدق بالآخرة، فقال " إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم اعمالهم فهم يعمهون " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال الحسن والجبائي: زينا لهم اعمالهم التي أمرناهم بها، فهم

(1) سورة 69 الحاقة آية 51
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست