التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٧٧
تصطلوا. ومعناه لتدفئوا، والاصطلاء التدفي بالنار، وصلى النار يصلي صلا إذا لزمها، فأصله اللزوم. وقيل الصلاة منه للزوم الدعاء فيها. والمصلي الثاني بعد السابق للزومه صلو السابق. وإنما قال لامرأته " لعلى آتيكم " لأنه أقامها مقام الجماعة في الانس بها والسكون إليها في الأمكنة الموحشة. ويجوز أن يكون على طريق الكناية على هذا التأويل.
وقوله " فلما جاءها " معناه جاء النار " نودي أن بورك من في النار ومن حولها " وقيل في معناه قولان:
أحدهما - بورك نور الله الذي في النار، وحسن ذلك، لأنه ظهر لموسى بآياته وكلامه من النار. في قول ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة والحسن.
الثاني - الملائكة الذين وكلهم الله بها على ما يقتضيه. " ومن حولها " - في قول أبي علي الجبائي - ولا خلاف أن الذين حولها هم الملائكة الذين وكلوا بها. و " سبحان الله رب العالمين ".
وقوله " ان بورك " يحتمل أن يكون نصبا على نودي موسى بأن بورك.
ويحتمل الرفع على نودي البركة، والبركة ثبوت الخير النامي بالشئ. قال الفراء العرب تقول: بارك الله، وبورك فيك.
وقوله " انه انا الله العزيز الحكيم " معناه ان الله قال لموسى ان الذي يكلمك هو الله العزيز القادر الذي لا يغالب، الحكيم في افعاله، المئزه من القبائح. قال الفراء: الهاء في قوله " انه " عماد، ويسميها البصريون إضمار الشأن والقصة. ثم أراد أن يبين له دلالة يعلم بها صحة النداء، فقال " والق عصاك " من يدك، وفي الكلام حذف، وهو أنه القى عصاه وصارت حية " فلما رآها تهتز كأنها جان " وهي الحية الصغيرة مشتق من الاجتنان، وهو الاستتار، وقال
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست