التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٠٩
فمن قرأ بالنون فلقوله " وحنانا من لدنا " ومن قرأ بالتاء فلقوله " وهو علي هين " ولم يقل علينا، وهما سواء في المعنى.
هذا حكاية ما قال الله تعالى لزكريا حين دعاه، فقال له " يا زكريا إنا نبشرك " والبشارة الاخبار بما بظاهر سروره في بشرة الوجه، يقال: بشره بشارة، وتبشيرا وأبشر بالامر ابشارا إذا استبشر به.
وقوله " بغلام اسمه يحيى " فالغلام اسم للذكر أول ما يبلغ، وقيل: إنه منه اشتق اغتلم الرجل إذا اشتدت شهوته للجماع. وقيل اما سمي يحيى، لان الله تعالى أحياه بالايمان - في قول قتادة - وقوله (لم نجعل له من قبل سميا) قال ابن عباس: معناه لم تلد مثله العواقر ولدا. وقال مجاهد: لم نجعل له من قبل مثلا. وقال ابن جريج وقتادة و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والسدي: معناه لم يسم أحدا باسمه. وقيل إنه لم يسم أحدا من الأنبياء باسمه قبله، فقال زكريا عند ذلك (انى يكون لي غلام) أي كيف يكون لي غلام (وامرأتي عاقر) لا يلد مثلها " وقد بلغت " أنا أيضا " من " السن و " الكبر عتيا " فالعتي والعسي واحد، يقال عتا عتوا وعتيا، وعسى يعسو عسيا وعسوا فهو عات وعاس بمعنى واحد، والعاسي هو الذي غيره طول الزمان إلى حال اليبس والجفاف. وقال قتادة: كان له بضع وسبعون سنة، فقال الله تعالى له " كذلك " هوان الامر على ما أخبرتك " قال ربك هو علي هين " أي ليس يشق علي خلق الولد من بين شيخ وعاقر لأني قادر على كل شئ وكيف يعسر علي ذلك " وقد خلقتك " يا زكريا " من قبل " ذلك " ولم تك شيئا " أي لم تكن موجودا ومن نفى أن يكون المعدوم شيئا استدل بذلك، فقال لو كان المعدوم شيئا لما نفى أن يكون شيئا قبل ذلك وحمل قوله " إن زلزلة الساعة شئ عظيم " (1) على المجاز، والمعنى انها إذا وجدت كانت

(1) سورة 22 (الحج) آية 1
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست