التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٠٦
السدي: يرث نبوته ونبوة آل يعقوب، وكان آل يعقوب أخواله، وهو يعقوب ابن مأتان، وكان قيم الملك منهم، وكان زكريا من ولد هارون بن عمران أخي موسى ابن عمران. قال مقاتل: يعقوب بن ما ثان أخو عمران أبي مريم، وهما ابنا ما ثان.
وقوله " واجعله رب رضيا " والجعل على أربعة أقسام:
أحدها - بمعنى الاحداث كقولهم جعل البناء أي أحدثه.
والثاني - احداث ما يتغير به كقولهم: جعل الطين خزفا أي احدث ما به يتغير الثالث - ان يحدث فيه حكما كقولهم: جعل فلان فلانا فاسقا أي بما أحدث فيه من حكمه وتسميته.
الرابع - أن يحدث ما يدعوه إلى أن يفعل كقولهم: جعله يقتل زيدا اي بما أمره به ودعاه إلى قتله.
ومعنى " واجعله رب رضيا " أي اجعل ذلك الولي الذي يرثني مرضيا عندك ممتثلا لأمرك عاملا بطاعتك.
وفي الآية دلالة على أن الأنبياء يورثون المال بخلاف ما يقول من خالفنا انهم لا يورثون، لان زكريا صرح بدعائه وطلب من يرثه ويحجب نبي عمه وعصبته من الولد.
وحقيقة الميراث انتقال ملك المورث إلى ورثته بعد موته بحكم الله. وحمل ذلك على العلم والنبوة على خلاف الظاهر، لان النبوة والعلم لا يورثان، لان النبوة تابعة للمصلحة لا مدخل للنسب فيها، والعلم موقوف على من يتعرض له ويتعلمه، على أن زكريا إنما سأل وليا من ولده يحجب مواليه من نبي عمه وعصبته من الميراث وذلك لا يليق إلا بالمال، لان النبوة والعلم لا يحجب الولد عنهما بحال، على أن اشتراطه ان يجعله (رضيا) لا يليق بالنبوة، لان النبي لا يكون إلا رضيا معصوما، فلا معنى لمسألته ذلك، وليس كذلك المال، لأنه يرثه الرضي وغير الرضي. واستدل المخالف بهذه
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست