التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٠٤
تطهرهم " (1) وقال مجاهد: من جزم جاز ان يقف على " وليا ". ومن رفع لم يجز لأنه صلة، ولان المفسرين قالوا: تقديره " هب لي " الذي " يرثني " أي وارثا فكل ذلك يقوي الرفع.
حكى الله تعالى ما نادى به زكريا ودعى ربه به، وهو أن قال " رب " أي يا رب وأصله ربي، وإنما حذف الياء تخفيفا وبقيت الكسرة تدل عليها " اني وهن العظم مني " أي ضعف، والوهن الضعف، وهو نقصان القوة، يقال وهن الرجل يهن وهنا إذا ضعف. ومنه قوله (لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون) (2) وإنما أضاف الوهن إلى العظم، لان العظم مع صلابته إذا كبر ضعف، وتناقص، فكيف باللحم والعصب. وقيل شكى البطش وهو قلة العطس وهو لا يكون إلا بالعظم. وقوله (واشتعل الرأس شيبا) معناه انتشر الشيب في الرأس، كما ينتشر شعاع النار، وهو من أحسن الاستعارات. والاشتعال انتشار شعاع النار، والشيب مخالطة الشعر الأبيض للأسود في الرأس وغيره من البدن، وهو مثل الشائب الذي يخالط الشئ من غيره (ولم أكن بدعائك رب شقيا) تمام حكاية ما دعا به زكريا، وانه قال لم أكن يا رب بدعائي إياك شقيا أي كنت أدعوك وحدك واعترف بتوحيدك. وقيل معناه اني إذا دعوتك أجبتني، والدعاء طلب الفعل من المدعو، وفي مقابلته الإجابة، كما أن في مقابلة الامر الطاعة. ويحتمل نصب " شيبا " أمرين:
أحدهما - أن يكون نصبا على المصدر كأنه قال شاب شيبا.
والثاني - التمييز كقولهم تصببت عرقا وامتلأت ماء وقوله " واني خفت الموالي من وارئى " قال مجاهد وأبو صالح، والسدي: الموالي ههنا العصبة. وقيل خفت الموالي بني عمي على الدين، لأنهم كانوا شرار بني إسرائيل، وإنما قيل لبني العم

(1) سورة 9 (التوبة) آية 104 (2) سورة 3 (آل عمران) آية 139
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست