التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٩٣
وقوله " حتى إذا ساوى بين الصدفين " تقديره انهم جاؤوا بزبر الحديد وطرحوه حتى إذا ساوى بين الصدفين مما جعل بينهما أي وازى رؤسهما. والصدفان جبلان - في قول ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وإبراهيم - وقيل: هما جبلان كل واحد منهما منعزل عن الآخر كأنه قد صدف عنه، وفيه ثلاث لغات - ضم الصاد والدال وفتحهما وتسكين الدال وضم الصاد - فال الراجز:
قد أخذت ما بين عرض الصدفين * ناحيتيها وأعالي الركنين (1) وقال أبو عبيدة: الصدفان جانبا الجبل. وقوله " قال انفخوا " يعني قال ذو القرنين انفخوا النار على الحديد، والزبر فنفخوا " حتى إذا جعله نارا " أي مائعا مثل النار، قال لهم " آتوني " اي اعطوني. وقرئ بقطع الهمزة ووصلها، فمن قطع، فعلى ما قلناه، ومن وصل خفض وقصر، وقيل معناه جيئوني " أفرغ عليه قطرا " نصب (قطرا) ب‍ (أفرغ) ولو نصبه ب‍ (آتوني) لقال أفرغه. والقطر النحاس في قول ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة - وأراد بذلك أن يلزمه. وقال أبو عبيدة:
القطر الحديد المذاب وانشد:
حساما كلون الملح صاف حديده * جرازا من أقطار الحديد المنعت (2) وقال قوم: هو الرصاص النقر، واصله القطر، وكل ذلك إذا أذيب قطر كما يقطر الماء.
وقوله فما اسطاعوا أن يظهروه أي لم يقدروا أن يعلوه " وما استطاعوا له نقبا " من أسفله - في قول قتادة.
وفي (استطاع) ثلاث لغات، استطاع يستطيع، واسطاع يسطيع، بحذف

(١) تفسير الطبري ١٦ / ٨ (٢) مجاز القرآن 1 / 415 وتفسير الطبري 16 / 19
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست