التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٨٢
كل مال مذخور من ذهب وفضة وغير ذلك.
وقوله " وكان أبوهما صالحا " يعني أبا اليتيمين فأراد الله " أن يبلغا أشدهما " يعنى كما لهما من الاحتلام وقوة العقل " ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك " أي نعمة من ربك. ثم قال صاحب موسى: وما فعلت ذلك من قبل نفسي وأمري بل بأمر الله فعلت. ثم قال " ذلك " الذي قلته لك " تأويل ما لم تسطع عليه صبرا " وثقل عليك مشاهدته واستبشعته.
وفي الآية دلالة على وجوب اللطف، لان مفهومه أنه تدبير من الله في عباده لم يكن يجوز خلافه، وقد عظم الله شأنه بما يفهم منه هذا المعنى.
وقال الجبائي: لا يجوز أن يكون صاحب موسى الخضر، لان خضرا كان من الأنبياء الذين بعثهم الله من بني إسرائيل بعد موسى. قال: ولا يجوز أيضا أن يبقى الخضر إلى وقتنا هذا، كما يقوله من لا يدري، لأنه لا نبي بعد نبينا، ولأنه لو كان لعرفه الناس، ولم يخف مكانه.
وهذا الذي ذكره ليس بصحيح، لأنا لا نعلم أولا أن خضرا كان نبيا، ولو ثبت ذلك لم يمتنع أن يبقى إلى وقتنا هذا، لان تبقيته في مقدور الله تعالى، ولا يؤدي إلى أنه نبي بعد نبينا، لان نبوته كانت ثابتة قبل نبينا. وشرعه - إن كان شرعا خاصا - انه منسوخ بشرع نبينا. وإن كان يدعو إلى شرع موسى أو من تقدم من الأنبياء، فان جميعه منسوخ بشرع نبينا صلى الله عليه وآله فلا يؤدي ذلك إلى ما قال. وقوله:
لو كان باقيا لرؤي ولعرف غير صحيح، لأنه لا يمتنع أن يكون بحيث لا يتعرف إلى أحد، فهم وإن شاهدوه لا يعرفونه.
وفى الناس من قال: إن موسى الذي صحب الخضر ليس هو موسى بن عمران
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست