التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٠٠
الكثرة لكتابة كلمات الله لنفد ماء البحر ولم تنفد كلمات الله بالحكم، والبحر مستقر الماء الكثير الواسع الذي لا يرى جانباه من وسطه وجمعه أبحر وبحار وبحور، والمداد هو الجائي شيئا بعد شئ على اتصال. والمداد الذي يكتب به. والمدد المصدر. وهو مجئ شئ بعد شئ. وقال مجاهد: هو مداد العلم.
والكلمة الواحدة من الكلام، ولذلك يقال للقصيدة: كلمة، لأنها قطعة واحدة من الكلام، والصفة المفردة: كلمة. و (مددا) نصب على التمييز، وهذا مبالغة لوصف ما يقدر الله تعالى عليه من الكلام والحكم. ثم قال قل لهم " إنما انا بشر مثلكم " لست بملك.
آكل واشرب " يوحى إلي إنما الهكم إله واحد " أي يوحى إلي بأن معبودكم الذي يحق له العبادة واحد " فمن كان " منكم " يرجو لقاء ربه " لقاء ثوابه أو عقابه ويرجو معناه يأمل. وقيل معناه يخاف " فليعمل عملا صالحا " أي طاعة يتقرب بها إليه " ولا يشرك بعبادة " الله أحدا غيره: من ملك ولا بشر ولا حجر، ولا مدر ولا شجر، فتعالى الله عن ذلك علو كبيرا. وقال سعيد بن جبير معنى " لا يشرك بعبادة ربه أحدا " أي لا يرائي بعبادة الله غيره. وقال الحسن: لا يعبد معه غيره. وقيل إن هذه الآية آخر ما نزل من القرآن. وقال ابن جريج قال حي بن اخطب: تزعم يا محمد إنا لم نؤت من العلم إلا قليلا، وتقول ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، فكيف يجتمعان، فنزل قوله تعالى " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي " ونزل " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام... " (1) الآية.

(1) سورة 31 (لقمان) آية 27
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست