التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١١١
يحارب دونه ذبا عن أهله " فأوحى إليهم " قيل: معناه أشار الهيم وأومأ بيده يقال:
أوحى يوحي إيحاء ووحى يحي ويحا مثل أومى يومي ايماء، وومى يمي وميا. والايحاء إلقاء المعنى إلى النفس في خفى بسرعة من الامر. واصله السرعة من قولهم: الوحي الوحا أي الاسراع. وقيل: كتب لهم على الأرض، والوحي الكتابة.
وقوله " ان سبحوا بكرة وعشيا " أي أوحى إليهم بأن سبحوا، ومعناه صلوا بكرة وعشيا - في قول الحسن وقتادة - وقيل للصلاة تسبيح، لما فيها من الدعاء والتسبيح، ويقال: فرغت من سبحتي أي صلاتي.
وقوله " يا يحيى خذ الكتاب " يعني التوراة التي أنزلتها على موسى " بقوة " أي بجد " وآتيناه الحكم صبيا " معناه أعطيناه الفهم لكتاب الله حتى حصل له عظيم الفائدة. وروي عن معمر: أن الصبيان، قالوا ليحيى أذهب بنا نلعب، فقال ما للعب خلقت. فأنزل الله " وآتيناه الحكم صبيا ".
وقوله " وحنانا من لدنا " معناه وآتيناه رحمة من عندنا - في قول ابن عباس وقتادة والحسن - وقال الفراء: فعلنا ذلك رحمة لأبويه " وزكاة " أي وصلاحا.
وقال الضحاك رحمة منا لا يملك إعطاء ها أحد غيرنا. وقال مجاهد: معناه تعطفا.
وقال عكرمة: معناه محبة. واصل الحنان الرحمة، يقال: حنانك وحنانيك قال امروء القيس:
ويمنعها بنو شمجى بن جرم * معيزهم حنانك ذا الحنان (1) وقال الآخر:
فقالت حنان ما أتى بك ههنا * أذو نسب أم أنت بالحي عارف (2) أي أمرنا حنان، وتحنن علينا تحننا أي تعطف قال الشاعر:

(١) ديوانه ٢١٦ (٢) تفسير القرطبي ١١ / 87 والطبري 16 / 32
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست