التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٩٧
كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين (26) آية.
أقسم الله تعالى في هذه الآية - لان لام " لقد " لام القسم - بأنه نصر المؤمنين في مواطن كثيرة ومواطن في موضع جر ب‍ " في " وإنما نصب، لأنه لا ينصرف لأنه جمع لا نظير له في الآحاد، فلا ينصرف. وجر كثيرة على المواضع وأنثه على اللفظ. ومواطن جمع موطن. ومعنى النصر الغلبة على العدو. والمعونة قد تكون في حمل الثقيل، وتكون في شراء متاع وتكون في قضاء حاجة، ولا يكون النصر إلا المعونة على العدو خاصة. والمواطن هو الموضع الذي يقيم فيه صاحبه وإنما قد أقاموا في هذه المواطن للقتال. ومعنى كثيرة روي عن أبي عبد الله عليه السلام انها كانت ثمانين موطنا، والكثيرة عدة زائدة على غيرها فهي كثيرة بالإضافة إلى ما دونها قليلة بالإضافة إلى ما فوقها.
وقوله " ويوم حنين "، وحنين اسم واد بين مكة والطائف في قول قتادة.
وقال عروة: هو واد إلى جانب ذي المجاز، فلذلك صرف، ويجوز ترك صرفه على أنه اسم للبقعة قال الشاعر:
نصروا نبيهم وشدوا أزره * بحنين يوم تواكل الابطال (1) وقوله " إذ أعجبتكم كثرتكم " فالاعجاب السرور بما يتعجب منه، والعجب السرور بالنفس على الفخر بما يتعجب منه. وقال قتادة: إنه كان سبب انهزام المسلمين يوم حنين أن بعضهم قال حين رأى كثرة المسلمين يوم حنين لأنهم كانوا اثني عشر ألفا، فقال: لن نغلب اليوم عن قلة. فانهزموا بعد ساعة. وقيل: إنهم كانوا عشرة آلاف. وقال بعضهم: ثمانية آلاف والأول أشهر. ولما انهزموا لم يبق مع النبي صلى الله عليه وآله الا تسعة نفر من بني هاشم وأيمن ابن أم أيمن. والعباس بن عبد

(١) قائله حسان ديوانه ٣٣٤ ومعاني القرآن 1 / 429 واللسان (حنن)
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست