التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٦
وقوله " ويتوب الله على من يشاء " معناه يقبل الله توبة من يشاء من عباده.
ووجه اتصال قوله " ويتوب الله على من يشاء " بما قبله من وجهين:
أحدهما - بشارتهم بأن فيهم من يتوب ويرجع عن الكفر إلى الايمان.
والاخر - انه ليس في قتالهم اقتطاع لاحد منهم عن التوبة.
ورفع " ويتوب " بخروجه عن موجب القتال فاستأنفه.
وقوله " والله عليم حكيم " معناه عليم بتوبتهم إذا تابوا حكيم في أمركم بقتالهم إذا نكثوا قبل أن يتوبوا ويرجعوا، لان أفعاله كلها صواب وحكمة.
قوله تعالى:
أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون (17) آية.
قوله " أم حسبتم " من الاستفهام الذي يتوسط الكلام فيجعل ب‍ (أم) ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ الذي لم يتصل بكلام ولو كان المراد الابتداء لكان اما بالألف أو ب‍ (هل) كقوله " هل اتى على الانسان " (1) والمعنى ظننتم أن تتركوا. والظن والحسبان نظائر، والحسبان قوة المعنى في النفس من غير قطع، وهو مشتق من الحساب لدخوله فيما يحتسب به " ان تتركوا " معنى الترك هو ضد ينافي الفعل المبتدأ في محل القدرة عليه. ويستعمل بمعنى (ألا يفعل) كقوله " وتركهم في ظلمات لا يبصرون " (2) وقوله " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم " إذا قيل: لما يفعل، فهو نفي للفعل مع تقريب لوقوعه. وإذا قيل: لم يفعل، فهو نفي بعد أطماع في

(1) سورة 76 الدهر آية 1.
(2) سورة 2 البقرة آية 17
(١٨٦)
مفاتيح البحث: القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست